السكون والقرار منها ، ولا يزول وجود هذه الخواطر إلاّ بالحس أو المشاهدة ( 1 ) . وهذا ما يمكن أن ينطبق على التاريخ الإسلامي ، لأن المسلمات التي أوجدت قد تألهت بمرور الزمن ، فأصبح التشكيك فيها يسبب عدم الاستقرار ، ولكنه ضرورة علمية تتطلب منا إرجاع النصاب إلى حقه حتى يتحقق الإيمان القلبي واليقين والإفلات من قبضة شيطان التخلف والجهل . ونمارس بذلك دورنا الطبيعي . قد جاء في شرح خطبة وقوع الفتن للإمام علي ( عليه السلام ) ما قوله : « على أوليائه » ( أي على من عنده استعداد للجهل ، وتمرن على اتباع الهوى ، وزهد في تحقيق الأمور العقلية على وجهها ، تقليد الأسلاف ومحبة لأتباع المذهب المألوف ، فذاك هو الذي يستولي عليه الشيطان ويضله وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى ، وهم الذين يتبعون محض العقل ولا يركنون إلى التقليد ، ويسلكون مسلك التحقيق ، وينظرون النظر الدقيق ويجتهدون في البحث عن مقدمات أنظارهم ) ( 2 ) . والكلام واضح مفاده عدم الركون إلى التقليد عدم الاتباع الأعمى لما وجدنا عليه آباءنا ، لأنه ليس بعذر لنا بقدر ما هو إدانة صريحة لهذا العقل الذي تقاعس عن البحث عن الحقيقة ; وهو بطبعه عقل فعّال .
1 - الطباطبائي ، تفسير الميزان : 2 / 378 . 2 - ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة 3 / 176 .