هي التي يرتكز عليها الوجود البشري . فعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ( لما خلق الله العقل استنطقه ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلاّ فيمن أحب ، أما اني إياك آمر وإياك أنهى ، وإياك أُعاقب ، وإياك اُثيب ) ( 1 ) . فلهذا يكون عمل العقل هو الإقبال على الحقيقة بالبحث والمتابعة والإدبار عنها إذا خالفت الصريح من المعقول . وقد يكون هذا الأمر صعبا لأول وهلة ، وذلك للترسبات التاريخية الموروثة ، ولكن لا تحيدنا هذه الصعوبة عن مسايرة الحقيقة والبحث عنها ، ونحن لسنا أقل من ديكارت الذي اعتمد على منهج الشك في الوصول إلى اليقين ; فأعطى بذلك الكوجيطو الديكارتي أنا أُفكر إذن أنا موجود . ونحن أيضاً ينبغي أن نقوم بتفعيل عملية التفكير ننطلق في البحث بعد هدم المسلّمات ، لنعيد النظر في موروثاتنا العقائدية بكل دقة ونحن إذ نقوم بتمحيص ما نؤمن بأنه من المسلمات العقائدية ، فالأحرى بنا أن نمحص المسلمات والمعطيات التاريخية ؟ وهي بطبعها بشرية الصياغة وتنبني على مسلمة - أي المناهج التاريخية - قد تكون محل نظر ( 2 ) .
1 - الكليني ، أصول الكافي : 1 / 10 كتاب العقل والجهل . 2 - العروي : مفهوم التاريخ : 1 / 207 ( بتصرف ) .