المهدي عجل الله فرجه وتولّي الإمامة : إن تولّي مسؤولية دينية مهمّة من قبيل النبوة أو الإمامة خلال المراحل الأولى من العمر لم يكن أمراً عجيباً في الفكر الإسلامي ، لأن القرآن الكريم لم يترك أي باب إلاّ وطرقه ، وقد تكون كل نقطة ذكرها القرآن وتطرق إليها ليس من قبيل الذكر ، ولكن من أجل توجيه العقول وتعريفها على كل الحقائق المرتبطة بالرسالة كمشروع إلهي للبشرية وكل ما يمكن أن يحيط بهذه الرسالة من التباس ، حتى لا يبقى هناك شك وتقوم البينة على الإنسان الخاضع لها . إن القرآن الكريم أدرج لنا قصة النبي عيسى ( عليه السلام ) كمثال وعبرة لحل هذا اللغز الذي أوقف أهل العامة عن تصديق حقيقة المهدي ، إذ أن هذا النبي العظيم شرع في ممارسة عمله الرسالي وهو صغير في المهد يقيم الحجة على الناس بذلك الإعجاز الخالد ، وهو تكليم الناس في المهد وهو صبي ، إذ قال تعالى : * ( يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْء وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ) * ( 1 ) . وهذه دلالة واضحة على كون النبي عيسى ( عليه السلام ) مارس رسالته صغيراً ، وكانت هذه اللحظة إحدى حالات الإعجاز من أجل التصديق بالرسالة .