الإنسان أي أن موضوع التاريخ ليس ما يريد الانسان بل هو تصورنا لما يريد ( 1 ) . ونصل إلى نتيجة حتمية وهي أن التاريخ ليس ثابتاً ككتابة ، بل هو متغير على حسب طبيعة المؤرخ . فتاريخ اليعقوبي ( 2 ) مثلا ليس فيه من الشبه ما يجعله مثيل الطبري نظراً لتدخل الشخصية في المعطيات المتواجدة ; ومنه يجب أن نعلم أن التاريخ لا يكتب مرة واحدة بل تعاد كتاباته باستمرار تحت إيحاء وضغط أسئلة يلقيها الحاضر على الماضي ، وتتجاوب فيها النزاعات الفردانية لكل شخص ، وبكل تلاوينها ، ويكون الخاسر فيها هو الإنسان الذي من أجله صيغ هذا التاريخ . والملاحظة التي يجب أن لا نغفل عنها وعلينا أن نأخذها بعين الاعتبار والجدية هي أن كبار المؤرخين كانوا رجال تاريخ بمعنى مزدوج ; رجال سياسة ، ورجال دراسة ، ذاكرين التاريخ ومؤثرين فيه ، بل لا يوجد مؤرخ محترم لم يحاول أن يلعب دوراً سياسياً . ومن ثم تغيب المصداقية للمادة التاريخية بحيث تصبح في غالبها تمثيلا ورؤية للقوة المسيطرة ، يغيب فيها تاريخ المعارضة . ولا يقف الأمر عند هذا
1 - تولستوي نقلا عن عبد الله العروي مفهوم التاريخ ط 3 سنة 1997 المركز الثقافي العربي . 2 - اليعقوبي الذي كان له الدور البارز في إحداث تجديد في صميم الكتابة التاريخية ( نقلا عن محنة التراث الآخر ص 25 ط 1 سنة 1998 دار الغدير ) ورغم ذلك همش ولم يعتد به .