والهشاشة التي تعرفها الشورى تظهر فترة بعد فترة فها هو عمر بن الخطاب يصرح ضارباً بعرض المبدأ الذي بنت عليه المدرسة السنية أفكارها حيث يقول : « لو أدركت أبا عبيدة باقيا استخلفته ووليته ، ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته ، ولو أدركت سالما مولى حذيفة وليته » ( 1 ) . وفي هذا ضرب لمبدأ القرشية التي استدلوا بها في السقيفة . ثم ابتكر عمر منهجاً جديداً وغريباً من نوعه في تحديد الخليفة لا يمت بصلة إلى المبدأ الذي الزموا به أنفسهم فهذه وصيته قبل وفاته إلى أبي طلحة الأنصاري « أنظر يا أبا طلحة ، إذا عدتم من حفرتي فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم فخذ هؤلاء النفر بإمضاء الامر وتعجيله ، واجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحداً منهم ، فإن اتفق خمسة وأبى واحد فاضرب عنقه وان اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب أعناقهما ، وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن فارجع إلى ما قد اتفقت عليه ، فان أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقها وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم » ( 2 ) . إلى هذا تمحورت الشورى من طريقة قيل أنها تحتاج إلى
1 - تاريخ الطبري : 2 / 580 . 2 - ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : 1 / 92 .