بالموقف الانطلوجي الواضح من إشكاليتي الوجود والماهية أو حقيقة أصالة إحديهما ( 1 ) . وكما كان علم الكلام هو للدفاع عن الإسلام وأصوله جاءت الفلسفة لتعطي المعنى الحقيقي للإسلام ، والطريق الأمثل للوصول إلى هذه الحقيقة المتعالية ، عن طريق التحقيق والتدقيق والتتبع ونفي التقليد والتحجر . إذ أن معرفة الله تعالى وعلم المعاد وعلم طريق الآخرة ليس المراد بها الاعتقاد الذي تلقاه العامي أو الفقيه وراثة وتلقنا . فإن المشغوف بالتقليد والجمود على الصورة لم ينفتح له طريق الحقائق كما ينفتح للكرام الإلهيين ( 2 ) . ولم تكن فقط الطريقة العرفانية هي الطريق الأمثل عند الملا صدرا للوصول إلى معرفة الحقيقة بل التدقيق النظري اي تحقيق التكامل الذاتي للإنسان ما بين الجانب العرفاني فيه وكذلك الجانب العقلاني بحيث يحصل التوافق بين ما يمثل الجانب الحسي الروحي والمادي العقلي فإذا كان النص السابق مربوط بالالهيين أو الروحانيين عن طريق المعرفة الروحية العرفانية فإن استكمال النفس الإنسانية بمعرفة حقائق الموجودات على ما هي عليها والحكم بوجودها تحقيقاً بالبراهين لا آخذاً بالظن أو التقليد ، بقدر الوسع الإنساني ، وإن شئت قلت نظم العالم نظماً عقلياً على حساب الطاقة البشرية ( 3 ) .
1 - إدريس هاني ، محنة التراث الآخر ص 261 . 2 - ملا صدرا ، الأسفار : 1 / 11 . 3 - المصدر السابق : 1 / 20 .