من الخيام واصطفوا للصلاة ، وخرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من خيمته وصلى بهم صلاة الظهر . ورقى النبي ( صلى الله عليه وآله ) المنبر ووقف على مرقاته الأخيرة ، ثم دعا بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأمره أن يصعد المنبر ويقف إلى يمينه . فجاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ووقف على المنبر أدنى من موقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) بمرقاة بحيث وضع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يده على كتفه . ثم ألقى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ببصره الشريف يميناً وشمالا يتفحص ذلك الحشد الكبير من الناس وانتظر هنيئة كيما يصغى الناس بأسرهم . وكانت النساء في جانب من ذلك المكان يسمعن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويشاهدنه . وشرع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في خطبته التاريخية ، آخر خطبة رسمية له إلى العالم أجمع ، التي لم يذكر التاريخ خطبة لنبي من الأنبياء عبر التاريخ مثلها في مثل هذا الحشد المهيب . وبدأ النبي ( صلى الله عليه وآله ) باسم الله تعالى وأخذ يرتِّل قصيدة نبوية في حمد الله تعالى والثناء عليه . . . ويشهد الله والناس على عبوديته المطلقة لربه العظيم . ثم قال لهم : إن الله عز وجل بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً وخفت الناس أن يكذبوني ; فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني : أمتي حديثو عهد بالجاهلية ، ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ويقول قائل ! فأتتني عزيمة من الله بتلة قاطعة في هذا المكان ، وتواعدني إن لم أبلغها ليعذبني . وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة من الناس ، وهو الكافي الكريم ; فأوحى إليَّ : " يا أيها الرسول ، بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ، ان الله لا يهدى القوم الكافرين " .