بل التكليف ورد بالاعتقاد بأن لا شريك له وليس كمثله شئ وذلك قد أثبتناه يقيناً . ثم إن جماعة من المتأخرين زادوا على ما قاله السلف فقالوا : لا بد من إجرائها على ظاهرها ، والقول بتفسيرها كما وردت ، من غير تعرض للتأويل ولا توقف في الظاهر ، فوقعوا في التشبيه الصرف ، وذلك على خلاف ما اعتقده السلف ، ولقد كان التشبيه صرفاً خالصاً في اليهود لا في كلهم ، بل في القرائين منهم إذ وجدوا في التوراة ألفاظا تدل على ذلك ) . انتهى . هذا النص من الشهرستاني ( 469 - 548 ) يدل على أن المجسمة أخذوا شكل مذهب ولكنه كان محدوداً وطارئاً على علماء إخواننا السنة ، وأنهم ظهروا متأخراً وتجاوزوا ما رسمه القدماء من تحريم تفسير آيات الصفات وأحاديثها ، ففسروها بظاهر اللغة ووقعوا في التجسيم ! ولذلك شبههم بالقرائين اليهود الذين كان التشبيه فيهم خالصاً على حد قوله ، وهو يشير بذلك أن التجسيم في هؤلاء المسلمين كان مخلوطاً غير خالص ، وذلك لخوفهم من المسلمين ! وشهادة الشهرستاني هذه تتوافق مع شهادة ابن خلدون التالية وغيره ممن أرخ لنشوء هذا المذهب ، أو هذا الدين الذي آمن بمادية الله تعالى ! ! ( قال ابن خلدون في مقدمته ص 462 : ( وذلك أن القرآن ورد فيه وصف المعبود بالتنزيه المطلق الظاهر الدلالة من غير تأويل في آي كثيرة ، وهي سلوب كلها وصريحة في بابها فوجب الإيمان بها ، ووقع في كلام الشارع صلوات الله عليه وكلام الصحابة والتابعين تفسيرها على ظاهرها ، ثم وردت في القرآن آيٌ أخرى قليلة توهم التشبيه ،