وأن المصدر ( ما عدا كتاب الله تعالى ) ليس قطعة واحدة إما أن نقبله كله أو نتركه كله ، بل كل رواية فيه أو رأي أو فتوى ، لها شخصيتها العلمية المستقلة . أما السنيون فيرون أن مصادرهم المعتمدة فوق البحث العلمي ، فصحيح البخاري برأيهم كتاب معصوم من الجلد إلى الجلد ، بل هو عندهم أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى ، ورواياته قطعة واحدة ، فإما أن تأخذها وتؤمن بها كلها ، أو تتركها كلها ! فبمجرد أن تحكم بضعف رواية واحدة من البخاري فإنك ضعفته كله . . . وصرت مخالفاً للبخاري ولأهل السنة والجماعة ! وينتج عن ذلك أن الباحث الشيعي يمكن أن يبحث جدياً في رواية من كتاب الكافي وغيره من المصادر المعتبرة عند الشيعة ، ويتوصل إلى التوقف في سندها أو تضعيفه ، فلا يفتي بها ، ولا يضر ذلك بإيمانه وتشيعه . بينما السني محرم عليه ذلك ، وإن فعل فقد تصدر فيه فتاوى الخروج عن المذاهب السنية ، وقد يتهم بالرفض ومعاداة الصحابة ! ولا بد أن يعرف الدكتور القفاري وأمثاله أن شهادة مؤلف الكتاب الحديثي بصحة كتابه ، إنما هي اجتهاده الشخصي وهي حجة عليه وعلى مقلديه فقط . ويبقى من حق المجتهد الآخر أن يبحث ويصحح ما صححه مؤلف أو يضعفه . وقد يتأثر بالمؤلف وتصحيحاته أو تضعيفاته وقد لا يتأثر ، والحجة الشرعية في النهاية بينه وبين الله تعالى هي اجتهاده ، وليس اجتهاد صاحب الصحيح .