فالتعارض في الحقيقة بين حديث أبي ذر وعائشة بأن النبي صلى الله عليه وآله قد نفى الرؤية ، وبين اجتهادات أخرى ليست بأحاديث ! أما الروايات عن ابن عباس فهي في مصادرهم متعارضة ومضطربة ، فلابد لهم من القول بسقوطها والرجوع إلى الأصل الذي هو عدم ثبوت ذلك عنه إلا بدليل ، وقد نقل ابن خزيمة نفسه قبل هجومه على عائشة أحاديث عن ابن عباس ينفي فيها الرؤية بالعين ! ( قال في ص 200 : ( قال أبو بكر ( يعني نفسه ) : وقد اختلف عن ابن عباس في تأويله قوله : ولقد رآه نزلة أخرى ، فروى بعضهم عنه أنه رآه بفؤاده ، حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي ، قال ثنا عبد الله بن داود الخريبي عن الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولقد رآه نزلة أخرى ، قال : رآه بفؤاده . حدثنا عمي إسماعيل ، قال ثنا عبد الرزاق قال أخبرنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : ما كذب الفؤاد ما رأى ، قال رآه بقلبه ) . انتهى . ومن العجيب أن ابن خزيمة تغاضى في أول كلامه عن حديث عائشة الصريح عن النبي صلى الله عليه وآله ، وأصر على اعتباره قولاً واجتهاداً من عندها ! ثم عاد واعترف بأنه حديث لكنه فرض أن قول ابن عباس حديث مقابل حديث عائشة ، وحكم بأن رواية ابن عباس لا بد أن تكون متأخرة عن رواية عائشة !