لا يحصل في ذلك الجسم المعين هذه الصفات إلا بجعل جاعل وتخصيص مخصص ، فإن كان ذلك الجاعل جسماً عاد الكلام فيه ، ولزم إما التسلسل وإما الدور . وإن لم يكن جسماً فهو المطلوب . والثالث : ( أن الأجسام ) لما كانت متماثلة فلو فرضنا بعضها قديماً وبعضها محدثاً لزم المحال ، ذلك لأن كل ما صح على الشيء صح على مثله ، فيلزم جواز أن ينقلب القديم محدثاً وأن ينقلب المحدث قديماً ، وذلك محال معلوم الامتناع بالبديهة . والرابع : أنه كما صح التفرق والتمزق على سائر الأجسام وجب أن يصحا على ذلك الجسم ، وكما صحت الزيادة والنقصان والعفونة والفساد على سائر الأجسام وجب أن يصح كل ذلك عليه . ومعلوم أن ذلك باطل محال . الخامس : أن الأجزاء المفترضة في ذلك المجموع تكون متساوية في تمام الماهية ، ولا شك أن بعض تلك الأجزاء وقع في العمق وبعضها في السطح ، وكل ما صح على الشئ صح على مثله ، فالذي وقع في العمق يمكن أن يقع في السطح وبالعكس . وإن كان الأمر كذلك كان وقوع كل جزء على الوجه الذي وقع عليه لا بد وأن يكون بتخصيص مخصص وبجعل جاعل . وذلك على إله العالم محال . واعلم : أن هذه الحجة قوية . إلا أنها توجب صحة الخرق والالتئام على الفلك ، والفلاسفة لا يقولون به . الحجة الثالثة : لو كان متحيزاً لكان متناهياً وكل متناه ممكن وواجب الوجود ليس بممكن ، فالمتحيز لا يكون واجب الوجود لذاته .