ولا أنه في كل مكان ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء ، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل ، ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها . الحموية الكبرى في مجموعة الرسائل الكبرى ص 419 . وعلى ذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن من فوقية وتحتية واستواء على العرش ووجه ويد ومحبة وبغض ، وما جاء في السنة من ذلك أيضاً من غير تأويل وبالظاهر الحرفي ، فهل هذا هو مذهب السلف حقاً ؟ نقول في الإجابة عن ذلك : لقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بينا وادعوا أن ذلك مذهب السلف ، وناقشهم العلماء في ذلك الوقت وأثبتوا أنه يؤدي إلى التشبيه والجسمية لا محالة ، وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة ! ولذا تصدى لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي ونفى أن يكون ذلك مذهب السلف ، ونفى أيضاً أن يكون ذلك رأي الإمام أحمد ، وقال ابن الجوزي في ذلك : ( رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح . . . فصنفوا كتباً شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام فحملوا الصفات على مقتضى الحس ، فسمعوا أن الله خلق آدم على صورته فأثبتوا له صورة ، ووجهاً زائداً على الذات ، وفماً ، ولهوات ، وأضراساً ، وأضواء لوجهه ، ويدين وإصبعين ، وكفاً ، وخنضراً ، وإبهاماً ، وصدراً ، وفخذاً ، وساقين ، ورجلين ، وقالوا ما سمعنا بذكر الرأس !