الذي لا يحول ولا يزول ، ولا يجوز عليه الأفول ، ولم يلد فيكون مولوداً ، ولم يولد فيصير محدوداً ، جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النساء ، لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهمه الفطن فتصوره ، ولا تدركه الحواس فتحسه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسه . لا يتغير بحال ، ولا يتبدل بالأحوال ، ولا تبليه الليالي والأيام ، ولا يغيره الضياء والظلام ، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيرية والإبعاض ، ولا يقال له حد ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية ، ولا أن الأشياء تحويه ، فتقله أو تهويه ، أو أن شيئاً يحمله فيميله أو يعدله ، ليس في الأشياء بوالج ، ولاعنها بخارج ، يخبر لا بلسان ولهوات ، ويسمع لا بخروق وأدوات ، يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفظ ، ويريد ولا يضمر ، يحب ويرضى من غير رقة ، ويبغض ويغضب من غير مشقة يقول لمن أراد كونه كن فيكون لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً لا يقال كان بعد أن لم يكن ، فتجري عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل ، ولا له عليها فضل ، فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدئ والبديع . خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه ، وأنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصنها من الأود والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج أرسى أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قواه ، هو الظاهر