وحيث أن هذه النسبة إلى السلف غلط محض ! أحببت التنبيه على ذلك لئلا يغتر من يراها فيظنها من قول العلماء المعتبرين ، والصواب أن هذا التفسير هو تفسير الجهمية والمعتزلة ومن سلك سبيلهم في نفي الصفات وتعطيل الباري سبحانه وتعالى عما وصف به نفسه من صفات الكمال ! وقد أنكر علماء السلف رحمهم الله مثل هذا التأويل وقالوا : القول في الاستواء كالقول في سائر الصفات وهو إثبات الجميع لله على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، قال الإمام مالك : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة . وعلى هذا درج علماء السلف من أهل السنة والجماعة رحمهم الله . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة الحموية : فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره وسنة رسوله ( ص ) من أولها إلى آخرها ، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين ، ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى وهو فوق كل شئ وهو عال على كل شئ ، وأنه فوق العرش وأنه فوق السماء ، مثل قوله تعالى : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ، وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصى إلا بالكلفة مثل قصة معراج الرسول إلى ربه ، ونزول الملائكة من عند الله وصعودها إليه ، وقوله في الملائكة الذين يتعاقبون فيكم بالليل والنهار . وبما ذكرناه يتضح للقراء أن ما نسبه أحمد محمود دهلوب إلى السلف من تفسير الاستواء بالاستيلاء غلط كبير وكذب صريح ! ! لا يجوز الالتفات إليه ، بل كلام السلف الصالح في ذلك معلوم ومتواتر وهو ما أوضحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير الاستواء بالعلو فوق العرش ، وأن الإيمان به