نام کتاب : الولاية الإلهية الاسلامية ( الحكومة الاسلامية ) نویسنده : الشيخ محمد المؤمن القمي جلد : 1 صفحه : 470
سكينته عليه وأيّده بجنود لم يرها الناس . وبعد هذه التأكيدات المتتالية فالآية الرابعة أخذت الأمر ثانياً من الأوّل وأمر الناس بالنفر خفافاً وثقالا للجهاد وبالجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس ، وهذا الأمر الثاني كتكرار للأمر الأوّل بالنفر ، وظاهره الوجوب بلا شبهة لا سيّما بعد تلك القرائن المتقدّمة ، والخفاف والثقال جمعان للخفيف والثقيل ولا يبعد - كما أفاده سيّدنا الاُستاذ العلاّمة الطباطبائي ( قدس سره ) في الميزان - أن يكون الثقل بقرينة المقام كناية عن وجود الموانع الشاغلة الصارفة للإنسان عن الخروج إلى الجهاد نظير كثرة المشاغل المالية وحبّ الأهل والولد والأقرباء والأصدقاء الّذي يوجب كراهة مفارقتهم وفقد الزاد والراحلة ونحو ذلك ، فالأمر بالنفر خفافاً وثقالا وهما حالان متقابلان في معنى الأمر بالخروج على أيّ حال وعدم اتّخاذ شيء من ذلك عذراً يعتذر به لترك الخروج [1] . ومنه تعرف أنّ الثقال لا يراد به الصفات الموجبة لسقوط وجوب النفر إلى الجهاد الّتي ذكرت في قوله تعالى : ( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِى مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيل وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [2] حتّى تكون بينهما منافاة فيقال بأن آيتنا منسوخة بتلك الآية كما حكي عن السدّي ، بل المراد به هي تلك الاُمور الشاغلة الموجبة لثقل النفر إلى الجهاد ولا يحدث معها بنفسها أيّ مانع . نعم إنّ إطلاق وجوب النفر كإطلاقات وجوب القتال يعمّ مَن كان له أحد تلك الموانع فيقيّد بالأدلّة المرخّصة كما لا يخفى . هذا كلّه حول الآية الرابعة . وأمّا الآية الخامسة فهي أيضاً تأكيد لوجوب النفر بعد الأمر به وإن بعُد مسير هذه الغزوة - الّتي يقال إنّها غزوة تبوك الّتي كانت مع جند ملك الروم - أوجب تثاقل مَن تثاقل وأظهر أعذاراً غير واقعية ولا مسموعة . وقوله تعالى فيها :