ويوم خرجت مسافراً صادفت القسيس فبادرني بالسلام وسألني : أنت إمام هذا المركز ؟ قلت : نعم . قال : نحن جيرانكم ، وكان بودي أن أتعرف على الإسلام من عالم ين وليس مما كتبه الآخرون عنه ، وقد نويت أن أجلس معك لتشرح لي . فشكرته ووعدته أن أزوره بعد رجوعي . هذا القسيس نموذج للذين لا يعرفون شيئاً عن الإسلام ، فكيف نقول إن عامة الناس وصل إليهم الإسلام ، وتمت عليهم الحجة ؟ ! وكيف نقول إن غير المسلم مقصر في عدم بحثه عن الحق ، ومعاقب . إن الحساب الإلهي ليس بهذا التبسيط ، والمؤكد فيه أن الله تعالى يحاسب الإنسان على ما تمت فيه حجية العقل القطعية الواضحة . ولذلك يجب على الباحث الرصين أن يوسع دائرة المُرْجَوْنَ لأمر الله في قوله تعالى : وَآخَرُونَ مَرْجَوْنَ لأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . ( التوبة : 106 ) . وتقول : ( إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة ، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ، وأما الباطنة فالعقول ) . ( الكافي : 1 / 16 ) فنقول : نعم ، إن عقوق الوالدين ، والتعدي على أموال الناس وحقوقهم ، والقتل ، وأمثالها مما يدرك عقل الإنسان قبحه وينهى عنه ، قد تمت فيه الحجة العقلية ، فيستحق الإنسان الحساب والعقوبة عليه . كما تمت الحجة في العقائد على وجود الله تعالى وتوحيده ، فيصح الحساب عليه . أما بقية الأمور فإن الحجة لم تتم إلا على عدد قليل من غير المسلمين .