مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، مالك يوم الدين ، وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا ، صاحب الشفاعة الكبرى ، محمد وآله الطيبين الطاهرين . وبعد ، فقد رغب إليَّ بعض الأعزاء أن أكتب قصة الإنسان ، من ولادته إلى موته وقيامته ، وحشره وحسابه ، ومصيره إلى جنة أو نار . وكنت أشعر بأهمية الموضوع وأفكر في الطريقة المفيدة لتقديمه إلى القارئ بأسلوب علمي ميسر ، في كتاب واحد ، ومطالبه عديدة ، وفروعها كثيرة ، تشمل الروح والجسد ، والموت والبرزخ ، والحشر والحساب ، والجنة والنار . فذلك يحتاج أن تقرأ وتفكر كثيراً ، لتستكمل الصورة الصحيحة للموضوع ، ثم تختار من بستانه الواسع قطافاً ينفع الناس ويقنعهم ، وترجو الثواب عليه . وعندما بدأت في الموضوع ، وجدتني أدخل في عَالَمٍ جليلٍ مهيب ، تقول لك هواتفه : أشدد حيازيمك ، فالأمر كله جِدٌّ ، واشحذ ذهنك ، فالمطالب دقيقة . وجدتني أمام آياتٍ تهز معانيها العقل ، وتدوي نبراتها في جنبات الروح ، وتفتح أحاديثها منافذ الغيب ، تتحدث لك عن ماضيك وحاضرك ومستقبلك ، وأيُّ حديث أبلغ من الحديث عن المستقبل والمصير ! وقد سميته الولادات الثلاث ، لأن موضوعه يبدأ بولادتنا من أبوينا . ثم يبحث ولادةً أعجب منها ، هي ولادة أرواحنا من أجسادنا بالموت . ثم يبحث ولادة أعجب منهما ، هي ولادتنا من مشتل الأرض في الآخرة ، لأن جسدنا يتحلل ويبلى ، ما عدا ذرة مستديرة ، لا تتحلل ولا تبلى ، وهي تحمل