وصارت لحومهم وأجسادهم وعظامهم النخرة كلها تراباً مختلطة بعضها في بعض ، لم يختلط تراب ميت بميت آخر ، لأن في ذلك القبر شقياً وسعيداً ، جسد ينعم بالجنة وجسد يعذب بالنار ، نعوذ بالله منها . ثم يقول الله تعالى : لنحيي جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وحملة العرش ، فيحيون بإذن الله ، فيأمر الله إسرافيل أن يأخذ الصور بيده . ثم يأمر الله أرواح الخلائق ، فتأتي فتدخل في الصور ، ثم يأمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور للحياة . وبين النفختين أربعين سنة . قال : فتخرج الأرواح من أثقاب الصور ، كأنها الجراد المنتشر ، فتملأ ما بين السماء والأرض ، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد وهم نيام في القبور كالموتى ، فتدخل كل روح في جسدها ، فتدخل في خياشيمهم فيحيون بإذن الله تعالى ، فتنشق الأرض عنهم كما قال : يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ وقال تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ . ثم يدعو إلى عرصة المحشر ، فيأمر الله الشمس أن تنزل من السماء الرابعة إلى السماء الدنيا ، قريب حرها من رؤس الخلق ، فيصيبهم من حرها أمر عظيم ، حتى يعرفون من شدة حرها كربها ، حتى يخوضون في عرقهم ، ثم يبعثون على ذلك حفاة عراة عطاشى ، وكل واحد دالع لسانه على شفتيه . قال : فيبكون عند ذلك حتى ينقطع الدمع ، ثم يبكون بعد الدموع دماً . قال الراوي : وهو الحسن بن محبوب يرفعه إلى يونس بن أبي فاختة ، قال : رأيت زين العابدين ( عليه السلام ) عند بلوغه هذا المكان ينتحب ويبكي بكاء الثكلى