رسالة الدين ويقوم الدين هنا برسالته الكبرى التي لا يمكن أن يضطلع بأعبائها غيره ، ولا ان تحقق أهدافها البناءة وأغراضها الرشيدة إلا على أسسه وقواعده ، فيربط بين المقياس الخلقي الذي يضعه للإنسان ، وحب الذات المرتكزة في فطرته . وفي تعبير آخر : ان الدين يوحد بين المقياس الفطري للعمل والحياة ، وهو حب الذات ، والمقياس الذي ينبغي أن يقام للعمل والحياة ، ليضمن السعادة والرفاه والعدالة . إن المقياس الفطري يتطلب من الإنسان : أن يقدم مصالحه الذاتية على مصالح المجتمع ومقومات التماسك فيه ، والمقياس الذي ينبغي أن يحكم ويسود هو المقياس الذي تتعادل في حسابه المصالح كلها ، وتتوازن في مفاهيمه القيم الفردية والاجتماعية . فكيف يتم التوفيق بين المقياسين وتوحيد الميزانين ، لتعود الطبيعة الإنسانية في الفرد عاملا من عوامل الخير والسعادة للمجموع بعد أن كانت مثار المأساة والنزعة التي تتفنن في الأنانية وأشكالها ؟ إن التوفيق والتوحيد يحصل بعملية يضمنها الدين للبشرية التائهة ، وتتخذ العملية أسلوبين : الأسلوب الأول : هو تركيز التفسير الواقعي للحياة وإشاعة فهمها في لونها الصحيح ، كمقدمة تمهيدية إلى حياة أخروية يكسب الإنسان فيها من السعادة على مقدار ما يسعى في حياته المحدودة هذه ، في سبيل تحصيل رضا الله . فالمقياس الخلقي _ أو رضا الله تعالى _ : يضمن المصلحة الشخصية ، في نفس الوقت الذي يحقق فيه أهدافه الاجتماعية الكبرى . فالدين يأخذ بيد الإنسان إلى المشاركة في