- الذي هو من صميم طبيعته ، فسوف يسلك السبيل الذي سلكه الرأسماليون وينفذ أساليبهم كاملة ما لم تحرمه قوة قاهرة من حريته وتسد عليه السبيل . وحب الذات هو : الغريزة التي لا نعرف غريزة أعم منها وأقدم ، فكل الغرائز فروع هذه الغريزة وشعبها ، بما فيها غريزة المعيشة . فان حب الإنسان ذاته _ الذي يعني حبه للذة والسعاة لنفسه ، وبغضه للألم والشقاء لذاته _ هو الذي يدفع الإنسان إلى كسب معيشته ، وتوفير حاجياته الغذائية والمادية . ولذا قد يضع حدا لحياته بالانتحار ، إذا وجد أن تحمل ألم الموت أسهل عليه من تحمل الآلام التي تزخر بها حياته . فالواقع الطبيعي الحقيقي اذن ، الذي يكمن وراء الحياة الإنسانية كلها ويوجهها بأصابعه هو : حب الذات ، الذي نعبر عنه بحب اللذة وبغض الألم . ولا يمكن تكليف الإنسان أن يتحمل مختارا مرارة الألم دون شئ من اللذة ، في سبيل أن يلتذ الآخرون ويتنعموا ، إلا إذا سلبت منه انسانيته ، وأعطي طبيعة جديدة لا تتعشق اللذة ولا تكره الألم . وحتى الألوان الرائعة من الايثار ، التي نشاهدها في الإنسان ونسمع بها عن تاريخه . . تخضع في الحقيقة أيضا لتلك القوة المحركة الرئيسية : ( غريزة حب الذات ) . فالإنسان قد يؤثر ولده أو صديقه على نفسه ، وقد يضحي في سبيل بعض المثل والقيم . . ولكنه لن يقدم على شئ من هذه البطولات ما لم يحس فيها بلذة خاصة ، ومنفعة تفوق الخسارة التي تنجم عن ايثاره لولده وصديقه ، أو تضحيته في سبيل مثل من المثل التي يؤمن بها . وهكذا يمكننا أن نفسر سلوك الإنسان بصورة عامة ، في مجالات الأنانية والايثار على حد سواء . ففي الإنسان استعدادات كثيرة للالتذاذ بأشياء متنوعة : مادية كالالتذاذ بالطعام والشراب وألوان المتعة الجنسية وما إليها من اللذائذ