أو منخفضة ، ولن ينفعه في علاج السل ومكافحته أن يزور الحقيقة ، فيبالغ في درجة تأثرها أو يهون منها . وعلى هذا الأساس يتجه تفكير المجرب _ في العادة _ اتجاها موضوعيا نزيها . وأما في التجربة الاجتماعية ، فلا تتوقف مصلحة المجرب دائما على تجلية الحقيقة ، واكتشاف النظام الاجتماعي الأصلح لمجموع الإنسانية ، بل قد يكون من مصلحته الخاصة : ان يستر الحقيقة عن الأنظار . فالشخص الذي ترتكز مصالحه على نظام الرأسمالية والاحتكار ، أو على النظام الربوي للمصارف مثلا . سوف يكون من مصلحته جدا أن تجيء الحقيقة مؤكدة لنظام الرأسمالية والاحتكار والربا المصرفي ، بوصفه النظام الأصلح حتى تستمر منافعه التي يدرها عليه ذلك النظام . فهو إذن ليس موضوعيا بطبيعته ، ما دام الدافع الذاتي يحثه على اكتشاف الحقيقة باللون الذي يتفق مع مصالحه الخاصة . وكذلك الشخص الآخر ، الذي تتعارض مصلحته الخاصة مع الربا أو الاحتكار ، لا يهمه شئ كما يهمه ان تثبت الحقيقة بشكل يدين الأنظمة الربوية والاحتكارية . فهو حينما يريد أن يستنتج الجواب على المسألة الاجتماعية : ( ما هو النظام الأصلح ؟ ) من خلال دراسته الاجتماعية ، يقترن دائما بقوة داخلية تحبذ له وجهة نظر معينة ، وليس شخصا محايدا بمعنى الكلمة . وهكذا نعرف : ان تفكير الإنسان في المسألة الاجتماعية لا يمكن _ عادة _ أن تضمن له الموضوعية والتجرد عن الذاتية بالدرجة التي يمكن ضمانها في تفكير الإنسان حين يعالج تجربة طبيعية ، ومسألة من مسائل الكون . ثالثا : وهب أن الإنسان استطاع أن يتحرر فكريا من دوافعه الذاتية ، ويفكر تفكيرا موضوعيا ، ويكشف الحقيقة وهي : ان هذا النظام أو ذاك هو النظام الأصلح لمجموع الإنسانية . . ولكن من الذي يضمن اهتمامه بمصلحة مجموع