مشكلة الإنسانية اليوم : إن مشكلة العالم التي تملأ فكر الإنسانية اليوم ، وتمس واقعها بالصميم ، هي مشكلة النظام الاجتماعي التي تتلخص في إعطاء أصدق إجابة عن السؤال الآتي : ما هو النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية ؟ . ومن الطبيعي أن تحتل هذه المشكلة مقامها الخطير ، وأن تكون في تعقيدها وتنوع ألوان الاجتهاد في حلها مصدرا للخطر على الإنسانية ذاتها . لأن النظام داخل في حساب الحياة الإنسانية ، ومؤثر في كيانها الاجتماعي بالصميم . وهذه المشكلة عميقة الجذور في الأغوار البعيدة من تاريخ البشرية ، وقد واجهها الإنسان منذ نشأت في واقعة الحياة الاجتماعية ، وانبثقت الإنسانية الجماعية تتمثل في عدة أفراد تجمعهم علاقات وروابط مشتركة . فان هذه العلاقات في حاجة _ بطبيعة الحال _ إلى توجيه وتنظيم شامل ، وعلى مدى انسجام هذا التنظيم مع الواقع الإنساني ومصالحه ، يتوقف استقرار المجتمع وسعادته . وقد دفعت هذه المشكلة بالإنسانية في ميادينها الفكرية والسياسية . . إلى خوض جهاد طويل وكفاح حافل بمختلف ألوان الصراع ، وبشتى مذاهب العقل