وأكبر الظن ، ان عدم التمييز بين المضمون والإطار ، أو بين القانون العلمي ، وشروطه ، هو الذي أدى إلى القول ، بأن بحوث التوزيع ، كلها مذهبية ، وليس للعلم ، ان يبحث في حقل التوزيع . فان اشراط القوانين العلمية في التوزيع ، بإطار مذهبي معين ، جعل أصحاب هذا القول يتخيلون ان تلك القوانين مذهبية بطبيعتها . النتائج المستخلصة : نستخلص مما سبق ، النتائج التالية : أولا : ان علم الإقتصاد والمذهب الاقتصادي ، يختلفان في مهمتهما الأساسية ، لأن مهمة العلم ، اكتشاف الحياة الاقتصادية وظواهرها ، كما توجد في الواقع ، ومهمة المذهب ، ايجاد طريقة لتنظيم الحياة الاقتصادية ، كما ينبغي أن توجد ، وفقا لتصوراته العامة عن العدالة . فالعلم يعمل لتجسيد الواقع ، والمذهب يعمل لتجسيد العدالة . ثانيا : ان علم الإقتصاد ، يبحث في الإنتاج والتوزيع معا كما أن المذهب الاقتصادي ، يبحث في الإنتاج والتوزيع أيضا ، ولا أساس للتفرقة بينهما ، على أساس الموضوع ، يجعل الإنتاج موضوعا للعلم ، والتوزيع موضوعا للمذهب . لأن العلم والمذهب يختلفان في مهمة البحث وطريقته ، لا في موضوعه . وثالثا : ان قوانين علم الإقتصاد ، في الانتاج ، تعبر عن حقائق ثابتة ، في مختلف المجتمعات ، مهما كان نوع المذهب الاقتصادي المطبق عليها . واما قوانين علم الإقتصاد ، في التوزيع فهي تشرط عادة بإطار مذهبي معين ، بمعنى ان العالم الاقتصادي يفترض مجتمعا يطبق مذهبا كالرأسمالية ، والحرية الاقتصادية ثم يحاول أن يكتشف قوانينه ، وحركة الحياة الاقتصادية فيه .