في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً ، فما عند الله خير من الدنيا وما فيها ، قتلة أهون من ميتة ، ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه ، ومن لم يقتل فسوف يموت ، يا فاطمة بنت محمد ، أما تحبين أن تأمرين غداً بأمر فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب ؟ أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش ؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة ؟ أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه ؟ أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار : يأمر النار فتطيعه ، يُخرج منها من يشاء ويترك من يشاء ؟ أما ترضين أن تنظرين إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك وإلى ما تأمرين به ، وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله ؟ فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك وقاتل بعلك إذا أفلجت حجّته على الخلائق ، وأمرت النار أن تطيعه ؟ أما ترضين أن يكون الملائكة تبكي لابنك ، ويأسف عليه كل شيء ؟ أما ترضين أن يكون من أتاه زائراً في ضمان الله ويكون من أتاه بمنزلة حجّ إلى بيت الله واعتمر ، ولم يخل من الرحمة طرفة عين ، وإذا مات مات شهيداً ، وإن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي ، ولم يزل في حفظ الله وأمنه حتى يفارق الدنيا ؟ قالت : يا أبه ، سلَّمت ورضيت ، وتوكَّلت على الله ، فمسح على قلبها ومسح عينيها ، وقال : إني وبعلك وأنت وابنيك في مكان تقرّ عيناك ، ويفرح قلبك ( 1 ) . فيعزّ على فاطمة الزهراء - أيها المؤمنون - ما جرى على قرَّة عينها الحسين سبط الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الذي ذبح عطشاناً ومعه من أهل بيته سبعة عشر ليس على وجه الأرض لهم شبيه ، ويعزّ على فاطمة ( عليها السلام ) أيضاً ما جرى على بناتها الفاطميات بعد مقتل الحسين ( عليه السلام ) وذلك حينما هجم العدوّ عليهنَّ وهنَّ بلا محام ولا كفيل ،