يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجدِّدون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة ، فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء ، وأنا أشفع للرجال ، وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة ، يا فاطمة ! كل عين باكية يوم القيامة إلاَّ عين بكت على مصاب الحسين فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة ( 1 ) . وعن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) وأحدثه ، فدخل عليه ابنه فقال له : مرحباً ، وضمَّه وقبَّله وقال : حقَّر الله من حقَّركم ، وانتقم ممن وتركم ، وخذل الله من خذلكم ، ولعن الله من قتلكم ، وكان الله لكم ولياً وحافظاً وناصراً ، فقد طال بكاء النساء ، وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء ، ثمَّ بكى وقال : يا أبا بصير ، إذا نظرتُ إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أُتي إلى أبيهم وإليهم ، يا أبا بصير ، إن فاطمة لتبكيه وتشهق ، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها ، فيحرق أهل الأرض ، فيكبحونها ما دامت باكية ، ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض ، فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة ، وإن البحار تكاد أن تنفتق فيدخل بعضها على بعض ، وما منها قطرة إلاَّ بها ملك موكل ، فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته ، وحبس بعضها على بعض ، مخافة على الدنيا ومن فيها ومن على الأرض ، فلا تزال الملائكة مشفقين ، يبكون لبكائها ويدعون الله ويتضرَّعون إليه ، ويتضرَّع أهل العرش ومن حوله ، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض ، ولو أن صوتاً من أصواتهم يصل إلى الأرض لصعق أهل الأرض وتقلَّعت الجبال ، وزلزلت الأرض بأهلها . قلت : جعلت فداك ، إن هذا الأمر عظيم ، قال : غيره أعظم منه ما لم تسمعه ، ثمَّ