ومن جملة شؤونها أن الله جعل بطنها وعاء للإمامة ، عن ابن شهر آشوب دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على فاطمة ( عليها السلام ) فرآها منزعجة فقال لها : مالك ؟ أراك منزعجة ، فقالت : أبتاه ! إن الحميراء افتخرت على أمي بأنها لم تعرف رجلا قبلك ، وأمي عرفتك وهي مسنّة ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا تنزعجي ، فإن بطن أمِّك كانت وعاء للإمامة ( 1 ) . وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دخل يوماً منزل عائشة ، فإذا هي مقبلة على فاطمة ( عليها السلام ) تصايحها وتقول : يا بنت خديجة ! ما ترين إلاَّ أن لأمِّك فضلا علينا ، وأيُّ فضل كان لها علينا ؟ ما هي إلاَّ كبعضنا . فسمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مقالتها لفاطمة ، فلمَّا رأت فاطمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكت ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما يبكيك يا بنتاه ؟ قالت : إن الحميراء ذكرت أمي فتنقَّصتها فبكيت ، فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : يا حميراء ! إن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود ، وإن خديجة ولدت منّي طاهراً وقاسماً وفاطمة ورقية وأم كلثوم وزينب ، وأنت ممن أعقم الله رحمها فلم تلدي شيئاً ( 2 ) . وروي أنه دخلت أخت خديجة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولمَّا استأذنت وسمع النبيُّ باسم خديجة سُرَّ سروراً عظيماً ، فقالت عائشة : مالك تُكثر ذكر خديجة وتسرُّ باسمها ، وهي عجوز حمراء الشدقين قد هلكت ، وإن الله قد أعطاك ورزقك أحسن منها ؟ وكأنّها أرادت بذلك نفسها ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا والله ، ما رُزقت أحسن منها ، ولقد آمنت حين كذَّبوني ، وأنفقت مالها حين بخلوا عني . وكان ( صلى الله عليه وآله ) في زمان حياتها إذا غلب عليه الحزن نظر إلى وجه خديجة ، ويُسرُّ بذلك كما أنه يُسرُّ إذا سع اسمها ، وكان أيضاً إذا اشتدَّ حزنه نظر إلى
1 - مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 3 / 114 . 2 - الخصال ، الصدوق : 405 ح 116 .