مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الورَّاقين والصاغة ، وهو غاصّ بالناس ، وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة ، وفي يده سطيحة وركوة ، ومعه عكّاز ، وهو شعث ، فسلَّم على الجماعة بصوت يرفعه ، ثم قال : أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، فقالوا : مرحباً بك وأهلا ، ورفعوه ، فقال : أتعرفون لي أحمد المزوق النائح ؟ فقالوا : ها هو جالس . فقال : رأيت مولاتنا ( عليها السلام ) في النوم فقالت لي : امض إلى بغداد واطلبه وقل له : نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه : < شعر > بَني أحمد قلبي لكم يتقطَّعُ * بمثلِ مُصَابي فيكُمُ ليس يُسْمَعُ < / شعر > قال : وكان الناشي حاضراً فلطم لطماً عظيماً على وجهه ، وتبعه أحمد المزوق والناس كلهم ، وكان أشدّ الناس في ذلك الناشي ثم المزوق ، ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلّى الناس الظهر ، وتقوَّض المجلس ، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئاً منهم فأبى ، وقال : والله لو أُعطيت الدنيا ما أخذتها ، فإنني لا أرى أن أكون رسول مولاتي ( عليها السلام ) ثم آخذ عن ذلك عوضاً ، ثم انصرف ولم يقبل شيئاً . قال ياقوت : وهذه القصيدة بضعة عشر بيتاً ، وذكر منها قوله : < شعر > عجبتُ لكم تُفنون قتلا بسيفِكم * ويسطو عليكم مَنْ لكم كان يَخْضَعُ فما بقعةٌ في الأرضِ شرقاً ومغرباً * وليس لكم فيها قتيلٌ ومَصْرَعُ ظُلِمتم وقُتِّلتم وقُسِّم فيئُكُم * وضاقت بكم أرضٌ فلم يحمِ موضعُ كأنَّ رسولَ اللهِ أوصى بقتلِكم * وأجسامِكُمْ في كلِّ أرض توزَّعُ ( 1 ) < / شعر > وقد ذكر السماوي أن السروري ذكر بعضها كما في المناقب وهي قوله : < شعر > جسومٌ على البوغاءِ ترمى وأرؤسٌ * على أرؤسِ اللُّدْنِ الذوابلِ تُرْفَعُ < / شعر >