وطاء ، يطاف بهم البلدان ، فأيّ عين لا ترقأ مدامعها عليهم ، وأيّ قلب لا يتصدع لمصيبتهم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ ) . < شعر > رجالُكُم قُتِلوا من غيرِ ذي سبب * وأهلُكُم هُتِكوا جهراً على البُدُنِ < / شعر > ذكر القاضي التنوخي ، قال : حدَّثني أبي ، قال : خرج إلينا يوماً أبو الحسن الكاتب ، فقال : أتعرفون ببغداد رجلا يقال له : ابن أصدق ؟ قال : فلم يعرفه من في المجلس غيري ، فقلت : نعم ، فيكف سألت عنه ؟ فقال : أيَّ شيء يعمل ؟ قلت : ينوح على الحسين ( عليه السلام ) ، قال : فبكى أبو الحسن ، وقال : إن عندي عجوزاً ربَّتني ، من أهل كرخ جدان ، عفطية اللسان ، الأغلب على لسانها النبطية ، لا يمكنها أن تقيم كلمة عربية صحيحة ، فضلا عن أن تروي شعراً ، وهي من صالحات نساء المسلمين ، كثيرة الصيام والتهجّد ، وإنها انتبهت البارحة في جوف الليل ، ومرقدها قريب من موضعي ، فصاحت بي : يا أبا الحسن ، فقلت : مالك ؟ فقالت : ألحقني ، فجئتها ، فوجدتها ترعد ، فقلت : ما أصابك ؟ فقالت : إني كنت قد صلّيت وردي فنمت ، فرأيت الساعة في منامي كأني في درب من دروب الكرخ ، فإذا بحجرة نظيفة بيضاء ، مليحة الساج ، مفتوحة الباب ، ونساء وقوف عليها ، فقلت لهم : من مات ؟ وما الخبر ؟ فأومأوا إلى داخل الدار ، فدخلت فإذا بحجرة لطيفة ، في نهاية الحُسن ، وفي صحنها امرأة شابة لم أر قط أحسن منها ، ولا أبهى ولا أجمل ، وعليها ثياب حسنة بياض مروي لين ، وهي ملتحفة فوقها بإزار أبيض جداً ، وفي حجرها رأس رجل يشخب دماً ، فقلت : من أنت ؟ فقالت : لا عليك ، أنا فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهذا رأس ابني الحسين ( عليه السلام ) ، قولي لابن أصدق عنّي أن ينوح : < شعر > لم أمرِّضْه فأسلو * لا ولا كان مريضا < / شعر > فانتبهتُ فزعةً ، قال : وقالت العجوز : لم أمرِّطه - بالطاء - لأنها لا تتمكَّن من