نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 226
من الضروري الالتفات إلى هذه النقطة للتعرف على أسس القيادة في الإسلام . وتدل دراسة لتاريخ النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مجال معرفة الناس على أنه كان أعرف الأمة بالخصائص الروحية والأخلاقية والثقافية والسياسية والاجتماعية لأفرادها . فاسلوب الدعوة في بدايتها ، والنضال ومرحليته ، وتعامله الخاص والعام مع الناس ، كل ذلك يبين حقيقة معرفته بالناس . إن أفضل دليل على ما نقول قدرته ( صلى الله عليه وآله ) الفائقة العجيبة على إحداث التبدل السريع الشامل في ثقافة مجتمع إبان عصر البعثة . فالثورة التي قادها ( صلى الله عليه وآله ) في المجتمع المتخلف يومئذ وأثمرت سريعا لا يمكن أن تتحقق بلا معرفة سديدة ودقيقة بالناس . ولما كان يعرف الناس جيدا ويخبر قابلياتهم الفكرية والروحية والأخلاقية والعاطفية جيدا فقد كان قادرا على أن يكلم كل أحد ويتعامل معه بمقدار ما يستوعبه فكريا وروحيا ، وهكذا مارس دورا قياديا شعبيا قويا فائقا . ولا جرم أن الأنبياء ( عليهم السلام ) جميعا كانوا يتسمون بهذه الصفة . قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " ما كلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) العباد بكنه عقله قط . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم " [1] . وروي أن قوما أسارى جئ بهم إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأمر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بضرب أعناقهم . ثم أمره بإفراد واحد منهم وأن لا يقتله ، فقال الرجل : لم أفردتني من أصحابي والجناية واحدة ؟ ! فقال : " إن الله عز وجل أوحى إلي أنك سخي قومك وأن لا أقتلك " .