مقدمة المحقق منذ سنين طويلة وأنا أقرأ عن الوهابية والبهائية والقاديانية وغيرها من المذاهب المبتدعة ، إلا أن قراءاتي - على كثرتها - كانت عابرة في الغالب ، ولم يكن القصد من ورائها غير التعرف على الأفكار الحديثة التي اكتسبت صفة الأديان والأباطيل والخرافات التي رفعها أصحابها إلى مصاف الشرائع السماوية . ولم تكن تلك القراءات الخاطفة لتبعث في نفسي الرغبة إلى التوفر على دراستها أو التعمق فيها ، إلا أنني خصصت القاديانية ببعض العناية ، وانصرفت إلى دراستها وفحصها والتعرف على خصائصها ودخائلها بعض الوقت ، ويعود الفضل في ذلك إلى صديقي الدكتور حسين علي محفوظ ، فقد دعي في سنة 1375 ه = 1956 م لحضور بعض المؤتمرات في أمريكا وكتب لي من هناك رسالة في الخامس من تموز عام 1956 جاء فيها ما يلي : " والذي أردت أن تعلمه أنت ومن معك من الذين يبتغون نصر الحق وإخلاد أهله ، أن " القاديانة " وهم الذين . . . بنوا مسجدا في مدينة " بوستن " يولي كثير من الجاهلين وجوههم شطره ، ولهم مثله في " واشنطن " وغيرها من أمهات بلدان أمريكا والغرب ، وقد طبعوا القرآن مفسرا ، وفاق اعتقادهم بالانكليزية والألمانية وغيرهما ، وهم يحاولون الآن نشر ما زخرفوه بالفرنسية ! ! ؟ يا للعار . . . الخ " . وقد ساءني للغاية ما أخبرني به الصديق محفوظ ، مع أنني كنت قد أحطت علما ببعض ما تقوم به القاديانية في القارتين الأوروبية والأمريكية من دعوة وتبشير ، لكنني لم أكن لأتصور بأن نشاطهم قد بلغ هذا الحد ، وأن دعوتهم تركض وتنتشر في القارات البعيدة بهذه السرعة . وفي خلال ذلك قرأت مقالا [1] لصديق آخر هو العلامة الدكتور محمد
[1] مجلة " العرفان " اللبنانية ، المجلد 43 / ج 6 / ص 589 . وفي المجلد الخامس والثلاثين منها 1368 ه = 1948 م / 839 مقال للأديب الكبير محمد جميل بيهم تحت عنوان " العظمة في أمريكا أين هي ؟ " افتتحه بذكر القاديانية ومندوبهم الذي التقى به في " شيكاغو " وفي المجلد الخامس نفسه ص 947 رسالة من مبشر أحمدي في " سيراليون " اسمه " صديق محمد " .