ورجالا تفوقوا بعلوم * وعقول وفطنة ورويه حاربوا الجهل باليراع وشادوا * يوم قاموا " المقاصد الخيرية " أيدوا الدين بالكتابة فاسأل * صحف القوم بالبلاد القصيه هي تتلو آيات ذكر حميد * " لسليمان " ذي العلى والحمية شيد الدين و " الذخيرة " منه * شاهد ناطق بحسن الطويه [1] وعده المؤرخ اللبناني يوسف أسعد داغر أحد الثالوث الذي انطلقت منه النهضة العلمية والاجتماعية الحديثة ، والآخران هما الشيخ أحمد رضا والشيخ أحمد عارف الزين [2] .
[1] شعراء الغري : 8 / 379 . [2] مصادر الدراسة الأدبية : 2 / 393 . والزين من الشخصيات العلمية والأدبية في العالم العربي والاسلامي ، وقد شارك أستاذيه الظاهر ورضا في جهادهما الأدبي والوطني ، ونال من ظلم الأتراك والفرنسيين ما ناله أمثاله من المخلصين والغيارى ، وله مؤلفات عديدة في مختلف المواضع ، وقد برهن على رجولة وتفان في سبيل نشر الوعي والثقافة في ثباته وصموده في مواقفه الوطنية وخدماته الأدبية في مختلف أدوار حياته ، ولم تستطع السلطات المتعاقبة إيقاف مسيرته وحرفه عن الطريق المستقيمة الواضحة ، ولم تفت في عضده محاولات الحاكمين ومحاربة المأجورين في شراء ذمته ، ومجلته " العرفان " التي تجاوز عمرها نصف قرن ولم تتوقف عن الصدور في أصعب الظروف وأشد الأزمات أكبر دليل على إخلاصه في رسالته ، وهي مدرسة كبرى للكثيرين ، ودائرة معارف لا يستغني عنها أحد من المثقفين . ولد عام 1301 ه = 1883 م وتوفي في ( 22 ) ربيع الأول 1380 ه = 15 تشرين الأول 1960 م وأقيم له احتفال ضخم أبنه فيه رجال العلم والأدب والوطنية ، ونشرت مجلته معظم ما قيل فيه ولا تزال مستمرة في الصدور بإشراف ولده الأستاذ نزار الزين حفظه الله ، وقد أرخت وفاته بقولي : قضى " العارف " الحر نحبا فذي * نوادي الفخار له ناغيه وخلف " عرفانه " بعده * منارا لأجيالنا الآتية سننشره رغم أنف الزمان * فذكراه في طيها باقيه فيا نفس حر حظت بالخلود * بتاريخها " فارجعي راضية " ومما تجدر الإشارة إليه أن الزين عندما زار العراق عام 1374 ه = 1955 م كنت مريضا ، فزارني مع جماعة منهم أستاذي الأكبر الإمام الطهراني ، والحجة الشيخ محمد جواد الجزائري ، وشيخ العراقين آل كاشف الغطاء صاحب مجلة " الغري " والأستاذ محمد علي البلاغي مدير " مصرف الرافدين " وصاحب مجلة " الاعتدال " وغيرهم ، وسجل كلمة في مجموعة خاصة كنت أجمع فيها خطوط من ألتقي به من النابهين ، وقد أشار الإمام إلى تلك الزيارة في ترجمته للزين - طبقات أعلام الشيعة : 1 / 128 - ولما عاد إلى لبنان وقرر إصدار عدد خاص عن العراق وصلتني منه ودعوة للمشاركة فيه ، فكتبت له مقالا تحت عنوان " الاخلاص دعامة الخلود " قارنت فيه بين الإمامين الطهراني والأمين ، وبين موسوعتيهما " الذريعة إلى تصانيف الشيعة " و " أعيان الشيعة " وأشرت إلى سبق الأول في هذا الميدان باعتراف صاحب الأعيان ، وجهده الذي لا يشبهه جهد ، وميزاته الكبرى التي أشاد بها رجال الاختصاص في الببليوغرافيا في الشرق الأوسط ، أشدت كذلك بأهمية موسوعة الإمام الأمين وسعيد المشكور وفضله الكبير على الباحثين والمؤرخين . . فلا حظ صاحب " العرفان " في المقال تفضيل عمل الطهراني في " الذريعة " على عمل الأمين في " الأعيان " وبعد ما بين العملين من الفوارق . . . فعز عليه أن يعترف بذلك ويعلنه ، وأهمل المقال ، وقال في الملاحظات التي ختم العدد : إن المقال وصل بعد الانتهاء من قسم المقالات ، وشكر الكاتب واعتذر إليه ! رحم الله سيدنا الأمين وصديقنا الزين وحفظ شيخنا الطهراني ، وجزاهم خير الجزاء على ما قدموه لأمتهم من خدمات كبيرة وأياد بيضاء خالدة مدى الدهر .