مختصا بمعنى الزينة أو بمعنى الأفضل كما قصره عليهما صاحب التوضيح وأتباع القادياني . ثم إن إرادة أحد المعنيين الأفضلية أو الزينة من لفظ الخاتم لا يتسق مع ذكره تعالى نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) موصوفا بأوصاف ( ما كان أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) بعد حادثة تطليق ربيبه زيد زوجه زينب وزواج النبي لها ، وهي من الأهمية ، بمكان عظيم من حيث قيامه بنفسه في العمل بتشريع زواج الأولياء بأزواج الأدعياء المطلقات الذي كانت تأباه نفوس العرب في جاهليتهم وفي جدة إسلامهم ، يتنازعهم عاملان : عادة قديمة موروثة وتشريع إسلامي جديد بحثت أصولها غير آبه بهجر فريق منهم غير مستكمل الإيمان وباستنكار من يبطن النفاق ويظهر الإسلام ، فمساق هذه الأوصاف في الآية وحكمة مثل هذا التشريع الذي يراد دوامه واستمراره وخلوده في الأمة يستلزمان أنه لا يراد من لفظ الخاتم واحد من ذينك المعنيين ، بل يراد منه معنى نهاية النبوات بنبوته ، كما يراد نسخ الشرائع بشريعته واستمرارها إلى أن تقوم الساعة ، وليس المقام مقام أن يراد أنه أفضلهم أو أنه زينتهم كما يزين الخاتم الإصبع . وإذا ضممنا إلى ذلك ما كان يفهمه المسلمون ، سواء أكان ذلك في عهده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أم في صدر الإسلام وهم في طراوته أم في العصور المتعاقبة ، من أن المراد بالخاتم خاتمتهم وآخرهم ونهايتهم ، زادت الحجة وضوحا وشبهة القاديانيين بطلانا وفسادا . هذا العباس بن مرداس السلمي يخاطب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوله : يا خاتم النباء إنك مرسل * بالحق كل هدى السبيل هداكا والنباء جمع نبئ مهموزا . سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) منه هذا البيت وقد أقره على مضمون معناه من تخصيصه له بعموم هدى السبيل الذي هو هداه . فلو كان بعده نبي له اختصاص ببعض هدى السبيل لما أقر عباسا على قوله ، ولكان المقام مقام بيان أن بعده أنبياء مرسلين ترك لهم بعض الهدى .