فلم يعرض على هذه الروايات لذكر ( لو عاش لكان صديقا نبيا ) وإنما جاء ذلك في حديثين : الأول رواه ابن ماجة عن ابن عباس أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إن له مرضعة في الجنة ، ولو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا ولا عتقت أخواله القبط وما استرق قبطي ، الثاني : في كنوز الدقائق للمناوي : لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا ، رواه أحمد وابن ماجة وابن عساكر ، هذا ما جاء في ينابيع المودة . وأما البخاري فقد أخرج في صحيحه ما هذا نصه : حدثنا ابن نمير ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا إسماعيل قلت : لابن أبي أوفي : رأيت إبراهيم ابن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : مات صغيرا ولو قضى أن يكون بعد محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبي عاش ابنه ولكن لا نبي بعده . فظاهر هذا الحديث أن القول لابن أبي أوفي وفيه كما ترى نفي لوجود نبي بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وأما النووي فقد قال كما في السيرة الحلبية : وأما ما روي عن بعض المتقدمين ( لو عاش إبراهيم لكان نبيا ) فباطل وجسارة على الكلام في المغيبات ، ومجازفة وهجوم على بعض الزلات [1] . فأنت ترى من كلام النووي أن هذا القول لبعض المتقدمين وأنه ليس واردا عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . 2 - على فرض التسليم بوروده عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن له وجوها من التأويل ، قال الحافظ ابن حجر تعليقا على قول النووي كما في السيرة الحلبية : وهو عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة ، وكأنه لم يظهر له وجه تأويله ، وهو أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع ، أي وكان اللائق به أن يكون نبيا وإن لم يكن ذلك . وفي حاشية السندي على صحيح البخاري في ( باب من سمي بأسماء الأنبياء ) تعليقا على حديث ابن أبي أوفى ما هذا لفظه : ولو قضي أن يكون بعد
[1] السيرة الحلبية ، العلامة علي بن برهان الدين الحلبي ، دار إحياء التراث العربي ، ج 3 ، ص 311 .