على رأس كل مائة سنة ، ولكن كلا من الفريقين السنة والإمامية لم يفر واحد منهما الرسالة والنبوة إلى مجدديهم وهل كانوا أخف في ميزانها من غلام أحمد القادياني ؟ ومن الطريف استدلاله على جواز وجود نبي غير مستقل بالنبوة بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالآية 30 الأحقاف ( قالوا يا قومنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ) وجه الاستدلال أن الجن المستمعين للقرآن لم يذكروا الأنبياء الذين بعثوا بين موسى وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والصحف التي أوتوها لأنهم كانوا تابعين لشريعة موسى ( عليه السلام ) وزمن شريعته كان ممتدا إلى بعثة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وفيه : 1 - لم نجد في هذه الآية بعد إنعام النظر وإمعان الفكر ما يدل على زعم المستدل وآية ملازمة بين عدم ذكر الجن المستمعين للقرآن للأنبياء الذين بعثوا بين موسى ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والصحف التي أوتوها بين دعواه جواز وجود نبي بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . 2 - كأنه يرى أمرا لزاما وفرضا واجبا على الجن أن يحيطوا علما بكل رسول أرسل بعد موسى وكل كتاب أنزل بعده ، وأن يبينوا التفصيل ذلك لقومهم ، أو يرى أن موقفهم موقف القاص المؤرخ ، وأن مثل ذلك لم يكن مفروضا على الإنس من أمة محمد المؤمنين بدين محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكتاب محمد ، بل فرض عليهم الإيمان الإجمالي بما أرسل الله تعالى من رسل وأنزل من كتب . 3 - إن موقف الجن من قومهم بعد استماعهم للقرآن كان موقف إنذار وتذكير ، وأما تخصيصهم لموسى وكتابه بالذكر فهو جار مجرى هذه الآيات . ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه ) [ القصص / 49 ] . ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ) [ هود / 17 ] . ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى - إلى قوله - وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ) [ الأنعام / 92 ] . والآية التي نحن بصددها : ( إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) [ الأحقاف / 30 ] .