الخطاب وأبصر بمواقعه وهم أهل اللسن واللسان ؟ ولو كان ذلك مرادا من الحديثين وأنه مما يفهم منهما لنقل عنهم مؤداه . ثم إن حديث المنزلة وهو الحديث الثاني أول على استحقاق علي للنبوة ، لأنه لم يعلق على شرط تعليق الحديث الأول وهو صريح بجمع علي مزايا ما جمع هارون ، فإذا لم يكن علي نبيا في عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما كان هارون ( لأنه لا نبي معه ) [1] فهو على هذا الزعم نبي بعده ومفروض عليه إظهار النبوة ، وذلك لم يكن ولا قال به مسلم ولا ادعاه له مدع ، دع الغلاة الذين لا وزن لمقالاتهم ومزاعمهم وهم الذين عرجوا بعلي إلى مقام الألوهية . الحديث الخامس : وهو ما روي من أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعمر ( رض ) : " لو لم أبعث لبعثت يا عمر " [2] . قال صاحب التوضيح لا يدل هذا الحديث على أن باب النبوة مسدود بالكلية بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقول : إذا لم يدل هذا الحديث على تقدير صحته على انسداد باب النبوة ودل بزعمه على جواز أو إمكان بقائها ، فإن هناك أدلة لا تنقض وأحاديث لا ترد وإجماعا لا يدفع تدل على الانسداد ، وماذا يجديه نفعا وتدليلا على زعمه مجرد ألفاظ الجواز والفرض والامكان إذا كان الواقع يدحض ذلك كله ، هذا ولا نرى فائدة في إطالة الكلام في هذا الحديث المشكوك في صدوره . الحديث السادس : " أنا العاقب الذي ليس بعده نبي " [3] قال : فتفسير العاقب ليس من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن قال : ويمكننا أن نقول في تأويل هذا الحديث : إن المراد من ( بعد ) بعد زمن نبوته ، وبما أن زمن رسالته ممتد إلى يوم القيامة ، فلا يمكن وجود نبي مستقل صاحب شرع جديد ، ولكن يجوز وجود نبي بعده في زمنه إذا كان تحت حكم شريعته ومن أمته مجددا لدينه .
[1] الحديث هو : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " ، صحيح البخاري - فضائل علي - ح 3706 - 4416 . [2] إتحاف السادة المتقين للزبيدي ، ج 7 ، ص 572 . [3] صحيح البخاري ، ج 4 ، ص 225 .