( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو المشركون ) [1] . مفهوم الآية واضح ، ( هو الذي ) ، هذا كله تأكيد ، ( أرسل رسوله ) ، فلو قال سبحانه وتعالى : الله أرسل رسوله ، كان أوجز ، لكن هنا ( هو الذي أرسل رسوله ) ، يعني أن الذي أرسل عليه لحكمته وعلمه وموقع رسوله هذا وموقع شريعته هذه التي جاء بها رسوله هذا ، يقتضي أن يكون هو الذي يظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون . وهنا نكتة أشير إليها ، وهي قوله تعالى : ( بالهدى ودين الحق ) ، فالله سبحانه وتعالى أرسل رسله السابقين على رسولنا محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالهدى ودين الحق ، فلماذا سبحانه وتعالى يصف دينه هذا ورسوله هذا أنه أرسله بالهدى ودين الحق ؟ والموجز في الجواب أن الأديان السابقة لم تكن هادية هداية عامة لجميع الخلق بالقياس إلى الهداية التي جاء بها نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لا لأنها ناقصة ، بل لأنها تهدي الإنسانية في فترة قصيرة جدا من عمرها الطويل ، فتلك لا تقاس بالنسبة إلى الهداية التي جاء بها نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وذلك على ما يقولون : الفرد الأكمل الأبرز الأوضح للهدى الذي جاء به نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهكذا دين الحق ، لماذا ؟ لأن هذا الدين دين شرعه الله سبحانه وتعالى للبشرية إلى آخر أيام حياتها على ظهر هذا الكوكب ، كم تطول ؟ لا نعلم ، كم ألوف من السنن ؟ لا نعلم ، كم عصور تتوالى عليها ، نعلم ، ولكننا نعلم شيئا واحدا : أن البشرية إن كانت قد اكتملت واكتسبت ما فيه كمالها ، سواء أكان هذا الكمال من