نام کتاب : العقائد الإسلامية نویسنده : مركز المصطفى ( ص ) جلد : 1 صفحه : 270
ويمكن أن يستأنس في ذلك بأمر آخر وهو : أن الإنسانية وإن اندفعت بالفطرة إلى الاجتماع والمدنية لإسعاد الحياة ، وأثبت النقل والبحث أن رجالا أو أقواما اجتماعيين دعوا إلى طرائق قومية أو وضعوا سننا اجتماعية وأجروها بين أممهم ، كسنن القبائل ، والسنن الملوكية ، والديمقراطية ، ونحوها ، ولم يثبت بنقل أو بحث أن يدعو إلى عرفان النفس وتهذيب أخلاقها أحد من غير أهل الدين في طول التاريخ البشري . نعم من الممكن أن يكون بعض أصحاب هذه الطرق غير الدينية ، كأصحاب السحر والأرواح ونحوهما إنما تنبه إلى هذا النوع من عرفان النفس من غير طريق الدين ، لكن ولولا من جهة الفطرة ، إذ الفطرة ولولا حكم لها في ذلك كما عرفت ، بل من جهة مشاهدة بعض الآثار النفسانية الغريبة على سبيل الاتفاق ، فتتوق نفسه إلى الظفر بمنزلة نفسانية يملك بها أعمالا عجيبة وتصرفات في الكون نادرة تستغربها النفوس ، فيدفعه هذا التوقان إلى البحث عنه والسلوك إليه ، ثم السلوك بعد السلوك يمهد السبيل إلى المطلوب ويسهل الوعر منه . يحكى عن كثير من صلحائنا من أهل الدين أنهم نالوا في خلال مجاهداتهم الدينية كرامات خارقة للعادة ، وحوادث غريبة اختصوا بها من بين أمثالهم كتمثل أمور لأبصارهم غائبة عن أبصار غيرهم ، ومشاهدة أشخاص أو وقائع ولولا يشاهدها حواس من دونهم من الناس ، واستجابة للدعوة وشفاء المريض الذي ولولا مطمع لنجاح المداواة فيه ، والنجاة من المخاطر والمهالك من غير طريق العادة . وقد يتفق نظائر ذلك لغير أهل الصلاح إذا كان ذا نية صادقة ونفس منقطعة ، فهؤلاء يرون ما يرون وهم على غفلة من سببه القريب ، وإنما يسندون ذلك إلى الله سبحانه من غير توسيط وسط . واستناد الأمور إليه تعالى وإن كان حقا ولولا محيص عن الاعتراف به ، لكن نفي الأسباب المتوسطة مما ولولا مطمع فيه .
270
نام کتاب : العقائد الإسلامية نویسنده : مركز المصطفى ( ص ) جلد : 1 صفحه : 270