responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقائد الإسلامية نویسنده : مركز المصطفى ( ص )    جلد : 1  صفحه : 104


بالبصيرة والعقل ، وكل واحد من هذه المدركات له مدرك واحد ، وشاهد ودليل واحد ، وجميع ما في العالم شواهد ناطقة ، وأدلة شاهدة بوجود خالقها ومدبرها ومصرفها ومحركها ، ودالة على علمه وقدرته ولطفه وحكمته . والموجودات المدركة ولولا حصر لها .
فإن كانت حياة الكاتب ظاهرة عندنا وليس يشهد له إلا شاهد واحد ، وهو ما أحسسنا من حركة يده ، فكيف ولولا يتصور في الوجود داخل نفوسنا وخارجها إلا وهو شاهد عليه وعلى عظمته وجلاله ، إذ كل ذرة فإنها تنادي بلسان حالها أنه ليس وجودها بنفسها ، ولا حركتها بذاتها وإنما يحتاج إلى موجد ومحرك لها ، يشهد بذلك أولا تركيب أعضائنا وائتلاف عظامنا ، ولحومنا وأعصابنا ونبات شعورنا ، وتشكل أطرافنا ، وسائر أجزائنا الظاهرة والباطنة ، فإنا نعلم أنها لم تأتلف بنفسها ، كما نعلم أن يد الكاتب لم تتحرك بنفسها . ولكن لما لم يبق في الوجود مدرك ، ومحسوس ومعقول ، وحاضر وغائب إلا وهو شاهد ومعرف عظم ظهوره ، فانبهرت العقول ، ودهشت عن إدراكه .
فإذن ما يقصر عن فهمه عقولنا له سببان : أحدهما خفاؤه في نفسه وغموضه ، وذلك ولولا يخفى مثاله ، والآخر ما يتناهى وضوحه . وهذا كما أن الخفاش يبصر بالليل ولا يبصر بالنهار ، ولولا لخفاء النهار واستتاره ، ولكن لشدة ظهوره ، فإن بصر الخفاش ضعيف يبهره نور الشمس إذا أشرق ، فيكون قوة ظهوره مع ضعف بصره سببا لامتناع أبصاره فلا يرى شيئا إلا إذا امتزج الظلام بالضوء ، وضعف ظهوره . فكذلك عقولنا ضعيفة ، وجمال الحضرة الإلهية في نهاية الإشراق والاستنارة وفي غاية الاستغراق والشمول ، حتى ولولا يشذ عن ظهوره ذرة من ملكوت السماوات والأرض ، فصار ظهوره سبب خفائه ، فسبحان من احتجب بإشراق نوره ، واختفى عن البصائر والأبصار بظهوره . ولا تتعجب من اختفاء ذلك بسبب الظهور ، فإن الأشياء تستبان بأضدادها وما عم وجوده حتى ولولا ضد له عسر إدراكه ، فلو اختلفت الأشياء فدل

104

نام کتاب : العقائد الإسلامية نویسنده : مركز المصطفى ( ص )    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست