وفاته : قضى شيخنا الظاهر عمره الشريف في خدمة العلم والأدب والدين والوطن ، ولم يبخل بجهد أو مال في سبيل ذلك مطلقا ، بل كان عونا لكل عامل في مجال الاصلاح والخدمة العامة ، ولم تؤسس جمعية أو يفتح ناد أو تؤلف لجنة إصلاحية ، أو تقوم حركة لخدمة الأمة والمجتمع إلا كان عضوا عاملا فيها وساعيا للنهوض بها ودعمها بمختلف الوسائل الممكنة والطرق الناجحة ، وقد بلغ التسعين من العمر وهو دائب على ذلك لم يقعد به الكبر أو يحول دونه العجز ، بل كان يعمل بهمة ابن العشرين ، إلى أن قعد به المرض وأثقلته عوارض الشيخوخة ، فانتقل إلى رحمة الله ورضوانه يوم الاثنين ( 16 ) جمادى الثانية سنة 1380 ه = 5 / 12 / 1960 م ، فخسرت به لبنان والعرب والمسلمون أحد شيوخ الصلاح والاصلاح ، وانهارت بفقده دعامة من أكبر دعائم النهضة الاجتماعية ، وركن من أهم أركان العلم والفضيلة ، وشيع بإكبار وإعظام من قبل الشعب والحكومة ومختلف الزعامات المذهبية ، ونعته الإذاعات العربية والاسلامية ، وأبنته صحف البلاد كافة ، ودفن في مقبرة النبطية بين الدموع والحسرات ، ورثاه وأبنه غير واحد من رجال العلم والأدب والسياسة والصحافة ، وظلت الصحافة تشيد به وتنشر عنه مدة ، وأقيم له حفل أربعيني في " النادي الحسيني " في النبطية في صباح يوم الأحد 27 رجب سنة 1380 ه = 15 / 1 / 1961 م حضره الكبراء والعظماء والنابهون من أبناء الطوائف والأديان ، وكان حاشدا بمختلف الطبقات . وكان من جملة مؤبنيه الأعلام الشيخ محمد جواد مغنية ، والشيخ محمد علي الزغبي ، والسيد عبد الرؤوف الأمين ، والدكتور علي بدر الدين ، وختم الحفل نجله الأستاذ أحمد بقصيدة في رثائه ، ونشرت مواد الحفل في المجلات والصحف اللبنانية ، ووصلني الكثير منها ، فرأيت صور الاحتفال الضخم وقرأت ما برهن على مكانته وتقديره عند قومه ، ولا غرابة في تكريم وتقييم بلد الإشعاع لرجاله ، وقد أرخت لوفاته بقولي : أظلم أفق العلم لما نعت * شيخ رجال الفضل لبنان