والمريض العاجز . ولا يزال العهد بثورة العراق الكبرى عام 1920 قريبا إلى الأذهان ، فقد هاجمه الانكليز فاتحين ، وأفتى زعيم الثورة الكبير الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي وبقية زعماء الدين بوجوب الجهاد والمحافظة على البلاد ، فهب الشعب العراقي هبة واحدة ولقن الانكليز درسا لن ينسوه إلى الأبد . وقد جاء في " مذكرات مس بل " قولها : " رجال الدين من العلماء في النجف وبغداد وكربلاء والكاظمية وسامراء . . . كان هؤلاء العلماء شديدي التعصب للإسلام وشديدي الكره لبريطانيا . . . كان لهم حتى الآن أثر كبير على السكان المتدينين في المدن المقدسة . . " [1] . ولم تكن حال المسلمين في الهند لتختلف عنها في سائر بلادهم الأخرى ، فقد قاوموا التسلط الانكليزي والاحتلال الغاشم ، وحرضهم علماؤهم على الجهاد في سبيل الله ، فضاق الانكليز بذلك ذرعا وظل القلق يساورهم دوما ، وحاولوا التماس وسيلة توقف تلك الانتفاضات عند حدها ، وتخنق أصوات الأحرار الذين يطالبونهم بالجلاء عن البلاد ، ووجدوا ضالتهم عند " القادياني " فقد جند نفسه لتلك المهمة وبذل كل وسعه وطاقته في إيقاف المد الثوري بفتاواه المتوالية في عدم جواز الجهاد ضد الانكليز ، وملأ الآذان بصخبه في إرشاده وخطبه ومؤلفاته وسائر الوسائل الممكنة الأخرى ، وأمده الانكليز بالمال وجندوا في خدمته الرجال ، وهو يواصل مسعاه الخبيث وجهده الخائن ، لكن ذلك لم يجده ولم يجد أسياده فتيلا ، إذ لم يكن لفتواه سميع غير قومه ، وهم أقل من القليل إذا ما قيسوا بعدد المسلمين في مقاطعة البنجاب وحدها ، فضلا عما سواها من مقاطعات شبه القارة الهندية . وكان يفسر الآية الكريمة : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) [2] بحسب ميوله الضالة ، ويؤكد على أن الانكليز هم أولوا الأمر الذين
[1] تطور الفكرة الأسلوب في الأدب العراقي في القرنين التاسع عشر والعشرين / 21 . نقلا عن " مذاكرات مس بل " المطبوعة بالانكليزية . [2] السناء : 59 .