أحرار الهند من المسلمين والهنادك بثورة عارمة ، فألحقوا بالانكليز خسائر فادحة في الأرواح ، لكن الانكليز انتصروا على الثورة وفعلوا بالثوار مالا يتصوره العقل من وحشية وجرائم أدت إلى براءة الكثير من عقلائهم مما حصل . وتحمل المسلمون العبء الأكبر من الاضطهاد قبل الثورة ، ومن التنكيل والانتقام بعدها ما لم يتحمله غيرهم ، ونصبت لهم المشانق في شوارع " دلهي " وأعدموا ثلاثة آلاف ، رجل ، ودخلوا مسجدها بخيولهم ، وكلما وجدوا رجلا طويل اللحية ظنوه مسلما فقتلوه ، وكانوا يشدون البعض على أفواه المدافع ويطلقون قذائفها فتتناثر أجزاؤهم في الفضاء كما كتبه الضابط الانكليزي " روبرت " في رسالة إلى أمه ، وبلغ عدد قتلاهم في " دلهي " وحدها سبعة وعشرين ألفا ، وكتب " ونكلسون " إلى " أدوارد " : " علينا أن نسن قانونا يبيح لنا إحراق الثوار وسلخ جلودهم وهم أحياء ، لأن نار الانتقام التي تأججت في صدورنا لا تخمد بالشنق وحده " ، وقد فعلوا ذلك أيضا ، فقد كتب المستر " دي لين " مدير جريدة " تايمز إن إنديا " : أن المسلمين كانوا يخاطون بجلود الخنازير ثم يدلكون بشحومها وتخاط عليهم ويحرقون وهو أحياء " ، وكتب مثل ذلك المستر " گربر " المشرف على القوات الانكليزية في شمال الهند ، وكتب " ونكلسون " و " لورنس " و " مونتجمري " فضائح أخرى . وفي سنة 1275 ه = أول تشرين الثاني سنة 1858 م أصدرت الملكة " فكتوريا " قرارا بنقل حكم الهند من يد الشركة إلى يد الحكومة البريطانية ، وعينت " لورد كايينتج " أول حاكم عام من قبلها ، وبذلك انتهى الحكم الاسلامي في الهند رسميا بعد أن استمر ثمانية قرون ونصفا ، وظل الانكليز يحكمون الهند إلى أن ادعوا الخروج منها على أثر شطرها عام 1367 ه = 1947 م ، حيث أعلن استقلال الباكستان في 14 آب وتشكيل الحكومة الهندية في 15 منه [1]
[1] الثورة الهندية / 359 وما بعدها ، وتاريخ البنجاب 2 / 581 ، وحكومت خود اختياري / 32 ، ونقش حياة 2 / 47 ، ومحاكمة بهادر شاه ، ودهلي كي سندا ، وماضي العلماء المجيد ، وتبصرة التواريخ ، وغيرها من المصادر العربية والفارسية والهندية والأجنبية المترجمة . ولعلماء وأدباء الهند عدة مؤلفات عن عهد الانكليز في الهند نظما ونثرا ذكرها صاحب " الثقافة الإسلامية في الهند / 69 - 70 .