وفي التعليق على هذا الكلام وجوه : 1 - نرى لزاما علينا ذكر نص الحديث كما أورده البخاري في صحيحه بحذف الإسناد ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " لي خمسة أسماء أنا محمد . وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ( أي علي أثري ) وأنا العاقب ( لأنه جاء عقب الأنبياء ) " . 2 - إن تفسير العاقب ( بالذي ليس بعده نبي ) ليس من ألفاظ الحديث كما يقول صاحب التوضيح ، ولكن صدوره ممن يوثق بفهمه لمعاني الكلام وأساليبه يدل على أنه هو المفهوم من لفظ ( العاقب ) وهو ما فهمته صاحب التوضيح ولكن مقيدا بقيد عدم وجود نبي مستقل ، بعده معلقا على هذا القيد جواز وجود نبي بعده غير مستقل إذا كان عاملا بحكم شريعته ، ولكن هذا القيد لا يفهم من لفظ العاقب المطلق ، فلا يكون وهو غير مفهوم من اللفظ حجة حتى ولا على مجئ المسيح الذي دلنا عليه الدليل الخاص . 3 - إن هذا المعنى من لفظ العاقب هو ما نص عليه أئمة اللغة ، ففي مختار الصحاح : " عاقبة كل شئ آخره ، والعاقب : من يخلف السيد ، وفي الحديث : أنا السيد والعاقب ، يعني أخر الأنبياء ( عليه السلام ) " [1] . وفي المصباح : " ومنه ، وعقبت زيدا عقبا من باب قتل وعقوبا جئت بعده ، ومنه سمي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) العاقب لأنه عقب من كان قبله من الأنبياء أي جاء بعدهم " . وفي النهاية : " وفي أسماء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) العاقب هو آخر الأنبياء ، والعاقب والعقوب الذي يخلف من كان قبله في الخير " [2] . 4 - إن امتداد زمن رسالته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى يوم القيامة معناه ومفهومه الصريح الاستغناء بها عن كل رسالة وعن كل رسول ، سواء أكان مستقلا بشريعة أم كان مقتفيا أثار تلك الرسالة العامة ، ولو كان الاقتفاء رسالة والمقتفي رسولا لكان
[1] المختار من صحاح اللغة ، محمد عبد الحميد ، ومحمد السبكي ، ومادة ( عقب ) . [2] النهاية في غريب الحديث والأثر ، ج 3 ، ص 268 ، مادة ( عقب ) .