الحديث الرابع : " لو كان بعدي نبي لكان عمر " [1] قال : إنه لا يدل قطعا على أنه لا نبي بعده ، وكذلك لا يدل قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) " إلا أنه لا نبي بعدي " زاعما أن ( بعد " في الحديثين بمعنى ( مع ) والمعنى لو كان معي نبي لكان عمر ، وإلا أنه لا نبي معي . وفي نقض هذا الاستدلال وجوه : 1 - لم نفهم محصلا لقوله : إنه لا يدل قطعا على أنه لا نبي بعده ، لأن احتمال استعمال ( بعد ) بمعنى ( مع ) لا يدفع على الأقل احتمال استعمالها بمعناها ، وهو ضد قبل الذي هو أكثر دورانا في الكلام إن لم نقل أنه حقيقة فيه ، بل هو المنصوص عليه في كلمات الأئمة ، ففي القاموس : ( وبعد ضد قبل ) ولم يذكر غيره ، وفي المصباح للفيومي : ( وبعد ) ظرف مبهم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره ، وهو لزمان تراخ عن السابق وجاء زيد بعد عمرو متراخيا زمانه عن زمان مجئ عمرو ، وتأتي بمعنى ( مع ) كقوله تعالى : ( عتل بعد ذلك زنيم ) [ القلم / 13 ] أي مع ذلك ، وفي مختار الصحاح : وبعد ضد قبل ، وفي النهاية لابن الأثير : وبعد من ظروف المكان التي بابها الإضافة ، فإذا قطعت عنها وحذف المضاف إليه بنيت على الضم ( كقبل ) ومثله قوله تعالى : ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) [ الروم / 4 ] أي من قبل الأشياء ومن بعدها ، وفي فقه اللغة للثعالبي في فصل مجمل وقوع حروف المعنى مواقع البعض : ( بعد ) بمعنى ( مع ) يقال : فلان كريم وهو بعد أديب أي مع هذا ، ويتأول قوله عز وجل : ( عتل بعد ذلك زنيم ) أي مع ذلك ، وفي المخصص لابن سيده : ( قبل ) أول ( بعد ) آخر ، وفي مجمع البحرين للطريحي : ( وبعد ) خلاف قبل ، قال الله تعالى : ( ولله الأمر من قبل ومن بعد ) أي قبل الفتح وبعده ، وقد يكون بمعنى ( مع ) مثل قوله تعالى : ( عتل بعد ذلك زنيم ) أي مع ذلك ، قوله : ( والأرض بعد ذلك دحاها ) [ النازعات / 30 ] أي مع ذلك ، وقيل : ( بعد ) على أصلها لما روي عن ابن عباس قال : خلق الله الأرض قبل السماء فقدر فيها أقواتها ولم