نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 402
و هذا النصّ يظهر لنا منطق سلطة السقيفة في تنصيب أُمراء الجيوش والولاة بأنّ الفجور غير ضارّ ، وهو مع قوّة بطش الأمير والوالي أصلح من التقي والمتورّع عن المحارم ، وإلاّ فكيف يكون عمّار بن ياسر ضعيفاً في ولايته على الكوفة مع أنّه هو الذي عبّأ أهل الكوفة مرّات وكرّات لحرب دولة الأكاسرة ، ويكون المغيرة بن شعبة أصلح لولاية الكوفة مع فجوره واشتهاره بالزنا في البصرة ؟ ! وقد اعتُرض على عمر في سياسته هذه ; وتعرّض للمسألة عن سبب استعماله سعيد بن العاص ومعاوية وفلاناً وفلاناً من المؤلّفة قلوبهم ومن الطلقاء ، وتركه استعمال المهاجرين والأنصار ( 1 ) . و اعترض حذيفة على عمر : إنّك تستعين بالرجل الفاجر . فقال عمر : إنّي لأستعمله لأستعين بقوّته ، ثمّ أكون على قفائه ( 2 ) . و قد دافع البيهقي عن فعل عمر بأنّ : « ذلك في المنافقين الّذين لم يُعرفوا بالتخذيل والإرجاف . والله أعلم » ( 3 ) . رغم أنّ عمر روى عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : « من استعمل فاجراً وهو يعلم أنّه فاجر فهو مثله » ( 4 ) ، وقال عمر : « نستعين بقوّة المنافق وإثمه عليه » ( 5 ) . و المتتبّع لأُمراء الجيوش والولاة في عهد الثلاثة يرى الكثير منهم من المؤلّفة قلوبهم والطلقاء من قريش ، أو مسلمة قبيل الفتح ، كخالد بن الوليد وأمثاله ، والسبب الحقيقي وراء ذلك هو أنّ جماعة السقيفة إنّما أتوا إلى السلطة بفضل قوّة الإرهاب القبلي الذي مارسه حزب قريش وبنو أُمية على المسلمين في المدينة أيام السقيفة - كما ترصده الأحداث آنذاك - وتعاقد الصحيفة التي مرّت الإشارة إليها ، فمصدر قوّة