نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 250
و العمدة : أنّ الرواية الأخيرة دالّة على أنّ السرّ وراء التحريم الذي تحلّل منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو أمر ما ، وأنّ تسميته في الآية والرواية ب - : « السرّ » يقتضي خطورة المعلومة التي ذكرها النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لحفصة ، وأنّ هذه المعلومة لا ريب في ارتباطها الوثيق مع التظاهر الخفي المدبّر من ضدّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ثمّ إنّ السيوطي روى روايات عديدة عن ابن مردويه ، وابن عساكر ، والطبراني ، و ابن المنذر ، و عبد الرزّاق ، والبخاري ، و غيرهم ، عن ابن عبّاس ، وعائشة ، و غيرهما : أنّ السرّ الذي أسرّه النبيّ إلى حفصة هو في أمر الخلافة من بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، و أنّ الذي سيلي الأمر بعده أبويهما ، إلاّ أنّ ألفاظ الروايات مختلفة ، ففي بعضها : « قال : أسرّ إلى عائشة في أمر الخلافة بعده ، فحدّثت به حفصة » . و في بعضها : « إنّ إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب : ( وإذ أسرّ النبيّ إلى بعض أزواجه حديثاً ) ، قال لحفصة : أبوك وأبو عائشة واليان الناس بعدي ، فإيّاك أن تخبري أحداً » . و في بعضها : « أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لحفصة : لا تخبري عائشة حتّى أُبشّرك بشارة ، فإنّ أباك يلي الأمر بعد أبي بكر إذا أنا متّ . فذهبت حفصة فأخبرت عائشة ، فقالت عائشة للنبيّ صلّى الله عليه ] وآله [ وسلّم : ( من أنبأك هذا ) ؟ قال : ( نبّأنيَ العليم الخبير ) » ( 1 ) . و الغريب في صياغات هذه الأحاديث أنّها تعبّر عن هذا السرّ بأنّه : « بشارة » ، أو أنّه : « عهد من الباري تعالى » ، وأنّه : « من فضائل الصديق والفاروق » ; فإذا كان جوّ المحيط ومناخ هذه المعلومة أنّها « بشارة » و « عهد إلهي » و « فضيلة عظمى » فلمَ تتظاهرا وتتآزرا في تدبير أمر خفيّ خطير على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إلى درجة تستدعي النفير الإلهي ، والتعبئة الشديدة المحال ، والإرباك الأمني ؟ ! ! من البيّن الشاهر أنّ المناخ الذي تصوّره السورة هو جوٌّ ملبّدٌ بظلمة المجابهة ، والمواجهة ، والاستعداد ، وإثم قلوبهما واستدعائه التوبة إلى الله
1 . الدرّ المنثور 6 / 241 .
250
نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 250