نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 452
فالمال مال الحاكم ، والجند جند الحاكم ، والناس كلهم عبيد الحاكم . قال معاوية بن أبي سفيان : " الأرض لله ، وأنا خليفة الله . فما أخذت فلي ، وما تركته للناس فبالفضل مني " . وعلى هذا المبدأ ، وهب مصر لعمرو بن العاص مكافأة له على جهاده وبلائه ضد الإمام علي . وكان جند يزيد في وقعة الحرة يجبرون الناس على أن يبايعوا يزيدا ، على أنهم عبيد قن له ، وينقشون أكف المبايعين علامة الاسترقاق ، ومن أبى عن هذه البيعة ضربت عنقه . من هذا النظام وحده تولدت محن آل البيت وغير آل البيت ، وإن كان نصيبهم منها أكبر وأفظع . ولا بد من التساؤل : لماذا ذعر الناس لمحن آل البيت وتحدثوا فيها وأطالوا الحديث أكثر من غيرها ؟ ويمكننا الجواب بأن محنهم كانت أقسى المحن جميعا ، وبأنها في نظر المسلمين هي محن الإسلام نفسه . فقد أوصى الرسول وبالغ في الوصاية بأهل بيته ، وواساهم بكتاب الله ، وشبههم بسفينة نوح ، واعتبر التعدي عليهم تعديا عليه بالذات ، وهذا السب يرجع إلى الدين ، ولا شئ يوازي احترام العقيدة الدينية وتقديسها عند المسلمين وبخاصة في ذاك العهد . وهناك أسباب سياسية لتوالي المحن على آل البيت من الحكام ، وإذاعتها بين الجماهير أكثر من غيرها . لما يئس المسلمون من إصلاح الحاكم تمنوا أن يدبر شؤونهم إمام عادل ناصح لله ورسوله ، وفي آل البيت خير من توافرت فيه هذه الصفات ، بل كان في المسلمين حزب قوي منتشر في أقطار الأرض يدين بالتشيع لهم ، ويرى أن الخلافة حق خصه الله بعلي وبينه ، وقد أعلن الشيعة هذا المبدأ في أشعارهم ، واتخذوه أساسا لتعاليمهم ، وعملوا على بثه في الجهر والخفاء ، ولم يتركوا فرصة تمر إلا عددوا مناقب آل البيت ومثالب من غصبهم هذا الحق . فرأي الحكام في آل البيت وشيعتهم خطرا كبيرا على سلامة الدولة وأمنها أكثر من غيرهم فخصوهم بالقسط الأوفر من المحن ، ونكلوا بهم بقسوة تفوق كل قسوة . وقد رأى الناس في هذه المحن موردا خصبا للتشهير بالحاكم وإثارة الجماهير ، ولا شئ كالخطوب والمآسي تستدعي عطف الناس ، وتثير إشفاقهم ورحمتهم ، وكلنا يعرف كيف استغل معاوية قميص عثمان لتأليب أهل الشام على علي . فالشيعة أذاعوا تلك المحن وبكوا واستبكوا الناس وفاء لأئمتهم ، ولبث
452
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 452