باصلاحات أدت بالاضرار إلى بعض المنتفعين ، فنجد أعلام المعارضة ترتفع ، وسيوف المعارضين تشهر ، يتقدمهم طلحة والزبير ومعاوية وعائشة فجعلوا مقتل عثمان ذريعة لنواياهم السيئة ، فقاموا بأعمال مضللة . والأمام علي ( ع ) استعد للحرب للقضاء على هذه الفتنة ، وقد جهزت أم المؤمنين جيشا وكان طلحة والزبير خير من يعينها وينهض معها بالأمر . وقع القتال بين الطرفين على مقربة من البصرة ، اشتهرت الواقعة بحرب الجمل . وقام الامام أيضا بحرب مع معاوية في الحدود العراقية الشامية ، عرفت بحرب صفين ، واستغرقت سنة ونصف السنة ، وشغل بحرب مع الخوارج في النهروان ، اشتهرت بحرب النهروان . ويمكن القول بأن معظم تلك الفترة التي حكم فيها الإمام علي ( ع ) قد صرفت لرفع الاختلافات الداخلية ، وبعدها أصيب بضربة على يد أحد الخوارج في مسجد الكوفة ، وذلك صبيحة يوم التاسع عشر من رمضان المبارك لسنة 40 للهجرة ، واستشهد يوم الواحد والعشرين من الشهر نفسه 1 . والتأريخ يشهد ان عليا أمير المؤمنين ( ع ) لم تكن تنقصه صفة من الكمالات الانسانية ، ويؤيد هذا الادعاء كل عدو وصديق ، فكان مثلا رائعا في الفضائل والمثل الاسلامية ، ونموذجا حيا كاملا لتربية الرسول ( ص ) . ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا ان الكتب التي تناولت هذه الشخصية الفذة سواء لدى الشيعة أو السنة وغيرهم من المحققين ، لم تتناول أية شخصية أخرى بهذا القدر في الحياة البشرية . كان علي - عليه السلام - ، أعلم الصحابة ، بل أعلم المسلمين ، وهو أول من فتح باب الاستدلال الحر في المسائل العلمية ، واستعان بالبحوث
( 1 ) مناقب آل أبي طالب ج 3 : 312 / الفصول المهمة ص 113 . تذكرة الخواص ص 172 - 183 .