وليس لهذه الاتفاقية ان يكون هناك سيد ومسود وقائد ومقود ، وامر ونهي وثواب وعقاب واقع خارجي سوى في حياتنا الاجتماعية ، اما الجهاز الإلهي فهو الجهاز الكوني الذي يربط حياة كل مخلوق وكائن بالله الخالق ربطا وثيقا . ومما يستفاد من القرآن الكريم 1 وأقوال النبي العظيم ( ص ) الدين يشتمل على حقائق ومعارف تفوق فهمنا وادراكنا الاعتيادي ، وان الله جل شأنه قد أنزلها إلينا بتعبير بسيط يلائم تفكيرنا ، كي يتسنى لنا فهمها وادراكها . يستنتج مما تقدم ان هناك ارتباطا بين الأعمال الحسنة والسيئة ، من جهة والحياة الأخرى بما تمتاز به من خصائص وصفات من جهة أخرى ارتباطا واقعيا ، تكشف عن سعادة أو شقاء . وبعبارة أوضح ، ان كل عمل من الأعمال الحسنة والسيئة تولد في الانسان واقعية ، والحياة الأخروية ترتبط بهذه الواقعية ارتباطا وثيقا . ان الانسان في حياته يشبه الطفل ، سواء أشعر بهذا الأمر أو لم يشعر ، حيث تلازمه شؤون تربوية ، فهو يدرك ما يملي عليه مربيه بألفاظ الأمر والنهي ، لكنه كلما تقدم في العمر استطاع ان يدرك ما قاله مربيه ، فينال بذلك الحياة السعيدة ، وما ذلك الا بما اتصف به من ملكات ، وإذا ما رفض وعصى معلمه الذي كان يسعى له بالصلاح ، نجد حياته مليئة بالمآسي والآلام . فالانسان يشبه المريض الذي دأب على تطبيق أوامر الطبيب في الدواء والغذاء ، أو رياضة خاصة ، فهو لم يبال الا بما أملاه عليه طبيبه ، فعندئذ يجد الراحة والصحة ، ويحس بتحسن صحته .
( 1 ) والكتاب المبين انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم سورة الزخرف الآية 4 .