يختتم به هذا الانطلاق ، سيشاهد عيانا حقانية الله الاحد ، وسيرى أن القدرة والملك وكل صفة من صفات الكمال تنحصر في ذاته القدسية ، ومن هذا الطريق ، ستنجلي له حقيقة الأشياء كلها . وهذا هو أول منزل وموقف من العالم الأبدي ، فإذا كان الانسان في هذه الدنيا ، بايمانه وعمله الصالح ، أوجد ارتباطا واتصالا بالله تعالى واستأنس به ، وبالمقربين من عباده ، سيحظى بسعادة لا توصف ، وسيكون في جوار الله سبحانه ، ويكون قرين الصالحين في العالم العلوي ، وإذا ما كان ممن تربطهم علاقة وثيقة بهذه الدنيا الدنيئة ، ولذائذها الزائلة ، فقد قطع اتصاله بالعالم العلوي ، ولم تقم بينه وبين خالقه رابطة أو اتصال ولا مع المقربين من عباده ، فإنه سيحاط بعذاب دائم ، وخزي أبدي . صحيح ان الأعمال الحسنة والسيئة للانسان في هذه الدنيا تزول وتذهب ، لكن صور الأعمال هذه تستقر في باطنه ، وأينما رحل فهي معه ، وتكون مصدر حياته الآتية سواء في السعادة أو الشقاء . وكل ما ذكر يمكن استنتاجه من الآيات التالية : يقول جل من القائل : ان إلى ربك الرجعي 1 . ويقول : الا إلى الله تصير الأمور 2 . ويقول : الأمر يومئذ لله 3 . ويقول : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي 4 . ويخاطب الله سبحانه يوم القيامة بعض أفراد البشر ، بقوله :
( 1 ) سورة العلق الآية 8 . ( 2 ) سورة الشورى الآية 53 . ( 3 ) سورة الانفطار الآية 19 . ( 4 ) سورة الفجر الآية 27 - 30 .