نام کتاب : الشورى والنص نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 26
تنظيمها . إذن فخلاصة ما وقفنا عليه في هذا البعد الأول : أن الشورى التي أمر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزاولها إنما هي شورى الحاكم ، القائد ، يشاور من يشاء من أهل الخبرة أو أهل الصلة المباشرة بالأمر ، وليس هناك ما يشير من قريب أو بعيد إلى اعتماد الشورى في تعيين رأس النظام السياسي والاجتماعي في الإسلام ، هذا حتى لو تحقق في التاريخ وقوع مشاورة في ما يتصل بخطط سياسية أو اجتماعية . البعد الثاني : ثمة بعد ثان للشورى هو أبعد من الأول عن شؤون النظام السياسي ، إنه البعد الاجتماعي ، المتمثل بمزاولة الناس للشورى في شؤونهم الخاصة ، ولم نقل إنها ذات بعد شخصي فقط ، ذلك لأنها علاقة بين طرفين ، المشير والمستشار ، وعلى الثاني مسؤوليته في النصح والصدق والأمانة ، فعادت علاقة اجتماعية ، ذات أثر اجتماعي هام . - فقد روى ابن عباس أنه لما نزلت ( وشاورهم في الأمر ) [1] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي ، فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ، ومن تركها لم يعدم غيا [2] . فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم محتاجا إلى الشورى في أمور الدنيا ليستنير برأي ويهتدي إلى صواب ، بل كان غنيا عن ذلك ، وإنما هي رحمة للعباد لئلا يركبوا رؤوسهم في شؤونهم وأعمالهم ويتمادوا بالغطرسة والاعتداد